&حسين شبكشي&

الحديث والتعليق على قرار الكونغرس الأميركي الخاص بمقاضاة الدول الراعية للإرهاب، الذي بات يعرف مختصرا باسم «جاستا»، حتما سيكون ناقصا غير مكتمل، لأن ملامح المشروع غير واضحة، فهو سابقة مهمة وخطيرة، وسيتم «خلط» الأوراق بين ما هو سيادي وسياسي، وبين ما هو قانوني وتشريعي.

نظريا على ما يبدو أن القانون الجديد سيكون معركة بين فرق المحامين الذين سيتصدون له بين مدافع ومناهض، وستكون ساحات المحاكم هي الملعب الذي سيفصل فيه بين المدعي والمدعى عليه.

وعلى الرغم من كون القانون ظاهرة تشريعية بحتة، فإن هناك أجندة سياسية مصاحبة لا يمكن إغفالها، وهي أشبه بعصا غليظة جاهزة لأن تسلط على من يتم اختياره لمقاضاته.

هل الأمر محسوم بهذه السهولة؟ هناك تفاوت في الآراء داخل أروقة صناعة القرار في أميركا، فالتصويت تم في سنة انتخابية بالغة الغرابة بين مرشحين أحدثا انقساما غير مسبوق في الرأي العام الأميركي وسط مناخ «مخيف» أكبر عدو فيه هم المهاجرون والإرهاب الناتج من الجماعات المتطرفة، وبالتالي وجد المشرعون في مجلس الكونغرس الأميركي «ضالتهم» في مشروع له اسم جذاب وهو العدالة (من الذي لا يطالب بها؟!) ضد الدول الراعية للإرهاب (هدف جميل) ولكن الشيطان يمكن في التفاصيل، كما يقول المثل المعروف، تطبيق هذا القانون فيه تجاوزات لكل الأصول والحدود السيادية المعروفة للدول، وفيه اختراق واضح وصريح للقوانين الخاصة لكل الدول، وهي مسألة ستواجه باعتراض عظيم كما بدا واضحا من المجتمع الدولي، فردود الفعل من روسيا وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي جميعها أبدت الاعتراض والاستغراب، بالإضافة إلى محاذير هائلة وعظيمة أطلقها كثير من القانونيين في أميركا، وحذروا فيها من أن هناك ردة فعل عنيفة ضد الولايات المتحدة الأميركية قانونيا وأمنيا، لأن أميركا نفسها لديها مواقف وأفعال من الممكن أن يتم تصنيفها فيها بوصفها دولة راعية للإرهاب، وبالتالي تضع نفسها في «فخ» خطير، وتفتح على نفسها أبوابا من الجحيم لا يمكن إغلاقها بسهولة. أما فيما يخص السعودية التي يعتقد الكثيرون أن القانون موجه ضدها بالأساس، فسيكون أمامها معركة قانونية مهمة تتطلب الإعداد والجاهزية الجادة، على الرغم من وجود أدلة صريحة من الإدارة الأميركية تؤكد براءتها من أي مسؤولية متعلقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وهناك تقرير رسمي يؤكد ذلك أيضا صدر بعد تحقيق شامل وطويل، إلا أن المعركة ستأتي بغلاف إعلامي وسياسي لا بد من الاستعداد له جيدا، ولن يكون مجديا أن يتم التعامل مع المرحلة المقبلة الحرجة بأدوات وأساليب المراحل السابقة نفسها أبدا. هذه هي أهم وأولى خطوات الجاهزية الجديدة والجادة المطلوبة.

هناك أميركا مختلفة يتم التعامل معها، وبالتالي لا بد أن يكون هناك سعودية جديدة بأساليب وطرق مختلفة، هذه هي أولى الخطوات المطلوبة لمواجهة «مرحلة جديدة» في العلاقات بين السعودية وأميركا، العالم يتغير والمصالح تتبدل والمطلوب الاستعداد لكل المراحل بجدية وعدم إنكار.

&&