&&منيب: لا يمكن أن نتحالف مع من لا يعترف بإنسانية المرأة وبإمكانية مساواتها مع الرجل

&

ليلى بارع&

&لفتت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، الأنظار إليها خلال السنوات الأخيرة، سواء بترؤسها حزباً سياسياً مغربياً يسارياً عتيداً، أو لمواقفها السياسية الواضحة التي تثير الكثير من ردود الفعل. وبترشحها كوكيلة للائحة الوطنية لفدرالية اليسار الديمقراطي في الانتخابات التشريعية المغربية، التي تنعقد في السابع من تشرين الاول/أكتوبر المقبل، تتوجه نحوها أنظار المهتمين بالشأن السياسي في المغرب، كتجربة سياسية ونسائية تستدعي الوقوف أمامها ومحاورتها لعرض رؤيتها للمشهد الانتخابي المغربي.

○ بداية تحت أي يافطة تدخلون غمار هذه الانتخابات؟

• يدخل الحزب الاشتراكي الموحد غمار هذه الانتخابات مع حلفائه في فدرالية اليسار الديمقراطي، أي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، بلوائح مشتركة وبرمز واحد هو رمز الرسالة، لأننا نحمل رسائل كثيرة، لذلك خضنا الحملة بشعار مغرب آخر ممكن، مغرب متقدم، مغرب نعيش فيه في أمن وسلام بعيداً عن كل أشكال التطرف، تضمنه الحريات والحقوق، وتضمنه العدالة الاجتماعية…

○ كيف تخوضون هذه الحملة الانتخابية داخل المغرب؟

• أولا بصفتي وكيلة اللائحة الوطنية التي تضم ستين امرأة وثلاثين شاباً وشابة، فنحن نقوم بحملة وطنية واسعة على امتداد كل التراب الوطني. حيث انطلقنا خلال اليوم الأول من هذه الحملة من مدينة مراكش، وزرنا القرى المجاورة، بعد ذلك نظمنا مهرجاناً كبيراً عمومياً مفتوحاً على الجميع، سبقته ندوة صحافية. خلال اليوم الثاني، توجهنا مباشرة صوب الجنوب، وبالضبط نحو مدينة كلميم واد نون التي تعتبر باب الصحراء، مروراً بإقليم شتوكة آيت باها، حيث توقفنا مع مناضلينا ومناصرينا، بعدها إقليم سيدي افني، معقل قبيلة ايت باعمران المعروفة بمقاومتها للمستعمر وفي اليوم الثالث سنتوجه من مدينة كلميم نحو مدينة ورزازات، ثم سنزور مدناً عدة في الشرق المغربي، الرشيدية، بولمان، بوعرفة ومدينة وجدة وبعدها نتجه نحو غرب المغرب، مروراً بمدن في الشمال، من بينها تطوان وطنجة وبعدها نعرج جنوباً باتجاه مدينة الرباط، وهناك رحلة مبرمجة نحو مدينة الداخلة، أقصى الجنوب المغربي، وبعدها نرجع الى مدينة الدار البيضاء…

○ تركتم البيضاء والرباط، كمدن مركزية للنهاية؟

• تماماً كما قلت، لكن الأمر مرتبط بمدى استعداد الرفاق محلياً للإعداد لمهرجانات وحجز القاعات وهي أمور تحكمت كثيراً في برمجة هذه الجولة والمحطات التي نتوقف فيها. فأنا ذكرت فقط المدن الكبيرة، لكن هناك مدناً صغيرة، حيث أن هناك دوماً 3 أو 4 محطات بين كل المدن الكبرى، نقف فيها ونتواصل مع السكان وننظم فيها مهرجانات.

○ أليست فدرالية اليسار الديمقراطي، جزءًا من حلم أوسع يتعلق بيسار مغربي موحد؟

• حلمنا جميعاً أن يتوحد اليسار، لأنه يحمل المشروع السياسي الذي بإمكانه أن يجيب على الأزمة الاجتماعية الخانقة التي تعرفها بلداننا والتي من تجلياتها التبعية والفقر والتهميش والنسب المرتفعة للبطالة والمديونية التي تفقد اوطاننا سيادتها الوطنية، وهذا شيء يضعفنا ويسهل عملية، ما نسميه نحن، الاستعمار الجديد. ونحن نعتبر أن فدرالية اليسار الديمقراطي هي لبنة نتمنى أن تكون قوية يلتف حولها باقي مكونات اليسار، وليس فقط اليسار بل كل المشاركين والنشطاء في المجتمع المدني، سواء الحقوقي منه أو النقابي، أو المثقفون أو الحركة النسائية. كل هذا سيقوي تلك الجبهة الديمقراطية التقدمية التي بإمكانها أن تضغط باتجاه التغيير الديمقراطي الشامل، ولا يمكن لهذه الجبهة، التي يمكن أن تسمى حزباً يسارياً كبيراً غداً لما لا؟ إلا أن تكون ذات توجه يحافظ على المكتسبات ويعمل على انتزاع مكتسبات أخرى، وهمه هو تحرر الإنسان من التخلف والتبعية من امكانية كل اشكال التطرف ان امكن القول.

○ انتقدت دائما طريقة أداء البرلمان المغربي، هل تعتقدين أنها مسألة عقليات أم توافقات سياسية؟

• المشكل في المغرب ليس مشكل عقليات أو توافقات، بل هو مشكل غياب الديمقراطية، كما هو متعارف عليها، كتعددية حزبية حقيقية وليست مزيفة، أحزاب مستقلة ببرامج واضحة تتبارى انطلاقا من تكافؤ الفرص بين الجميع، حيث لا يمكن أن نسيد البعض على الآخر ولا نهمش، خصوصا الأحزاب اليسارية التي عادت من القمع الشرس وعانت من البلقنة، حيث نضع في المقدمة بعض الأحزاب التي هي مرضي عنها وتدعمها حتى السلطة، وبهذا نحن نقول أن بناء الديمقراطية التي أجلت لعقود لا بد لنا اليوم أن ننطلق فيها، لأنه ببناء الديمقراطية والتأسيس لدولة الحق والقانون نكون قد وضعنا الأسس الكفيلة بجعل كل الاختيارات التي نقوم بها غداً، سواء في المجال الاقتصادي، أو الاجتماعي أو البيئي أو الثقافي، تقوم على أسس، ويمكنها أن تسفر عن نتائج وإمكانية خلق نهضة جديدة والحد من التخلف وتمظهراته الكثيرة والتي تهدد السلم المجتمعي والأمن داخل بلداننا، خاصة وأن سؤال الأمن والاستقرار هو من الأسئلة التي تشغل بال المغاربة، وطبعاً هو سؤال يجب تثمينه بالديمقراطية وبالتوزيع العادل للثروة ووضع الشروط الكفيلة بجعلنا نتقدم نحو مجتمع المواطنة الكاملة والمساواة والعدالة.

○ انطلاقاً من واقع الحملة الانتخابية الوطنية،هل تعتقدين أن هناك فرصاً متكافئة لجميع الأحزاب المشاركة خلال هذه الحملة الانتخابية؟

• أولاً الحملة الانتخابية تفترض شروطاً مؤسِسة سابقة لها وهي غير متوفَرة. يعني من تقطيع انتخابي متكافئ يجيب بالفعل على حقائق ملموسة وليس دوائر بعدد قليل من الناخبين ودوائر أخرى شاسعة بأعداد كبيرة.

وكذلك أنماط الاقتراع المزدوجة في بلادنا التي تعطي امكانيات صعود أعيان محليين أكثر مما تسمح بالتباري الصحيح. ثالثاً هذه التعددية المزيفة هي كذلك لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تساهم في خلق جو تكافؤ الفرص، بالإضافة إلى مسألتين أخريين أساسيتين وهما أولاً: الولوج للإعلام العمومي، الذي يتم فيه توزيع التوقيت بشكل مختلف بالنسبة للأحزاب، في حين أننا أمام محطة انتخابية جديدة ويجب أن نعتبر أن لا حزب يمتلك برلمانياً ولا صوتاً، وأن ننطلق انطلاقة صحيحة، وأن تكون وسائل الاعلام مفتوحة بشكل متساو بين كل الحساسيات السياسية وهذا غير حاصل. ثانياً: الولوج إلى التمويل. تعرفون أن الحملة الانتخابية تتطلب بعض التمويلات الأساسية، على الأقل من اجل طبع المنشورات والتنقل والتواصل مع المواطنين والمواطنات، خاصة في الأقاليم الشاسعة، وهذه المسألة، خصصت الدولة المغربية تقريبا 75 ألف دولار للأحزاب التي تعتبرها صغيرة، في حين أن الأحزاب الأخرى حصلت على مبالغ ضخمة جداً تعد بمآت الآلاف من الدولارات وهذا فيه حيف كبير وعدم تحقيق تكافؤ الفرص على الأقل على هذين المستويين الولوج للإعلام والولوج لتمويل الحملة.

○ ما الذي تختلفون فيه كفدرالية عن بقية الأحزاب، في ظل تشابه البرامج الانتخابية، الكل ينادي بالأشياء نفسها ويعد الوعود نفسها؟

• بداية برنامج فدرالية اليسار الديمقراطي هو البرنامج الأقوى والأكثر جرأة والأقل كلفة، لماذا؟ لأننا الوحيدون الذين ننادي بإرساء الديمقراطية الكاملة في بلادنا، يعني الملكية البرلمانية بفصل حقيقي للسلطات واستقلال القضاء وولوج المغاربة للمواطنة الكاملة. هذه نقطة موجودة فقط في برنامجنا ونقول إنها القاعدة المؤسسة لكل الاصلاحات المستقبلية، وإرساء هذه الديمقراطية ليس ترفاً بل إنه سيسمح لنا مستقبلا بربط المسؤولية بالمساءلة وأن نخلق ثروة ومناخ الثقة للاستثمار حتى نتمكن من التوزيع العادل لهذه الثروة وأن نخلق إمكانية القيام بإصلاحات عميقة في بلادنا، إدارية وسياسية وقضائية وفي مجال التعليم والمجال الضريبي ومجالات اخرى، وأن نراجع سياسة انفتاح الدولة المغربية على الخارج وسياسة التبادل الحر حتى تكون لنا اختيارات ديمقراطية لصالح شعبنا. ثانيا، أقول إن هذا البرنامج أقل كلفة، لأننا نقدم نموذجا اقتصادياً تنموياً ينبني في مدخله الأساسي على ايقاف نزيف الريع ونزيف التهرب الضريبي ونزيف الامتيازات ونزيف تبديد الأموال العمومية على كل الجهات من وزارات ومصالح، فنحن لسنا بحاجة لتبديد الأموال العمومية في اقتناء سيارات فاخرة ولا في تقاعد البرلمانيين ولا للموظفين الكبار…هناك إمكانية من أجل أن نعقلن ونرشد النفقات، امكانية للإصلاح الضريبي، لنحسن استعمال هذه الاموال بطرق شتى… هناك مقترحات لخصناها في ما يقارب 400 إجراء ملموس وأكثر من 26 محوراً أساسياً نتقدم فيه، في كل محور، بنظرة شاملة تنطلق من التشخيص الدقيق وتقديم الحلول بالخطط والبرامج والأرقام اللازمة والكيفية التي من خلالها ننفذ هذه الإجراءات.

○ هل تؤمنين أن المواطن المغربي ناضج في تعاطيه مع مسألة الانتخابات وصندوق الاقتراع؟

• الحقيقة أن هناك عزوفاً كبيراً، وعدم انخراط، خصوصاً فئات الشباب، في معركة السياسة، فأغلبية المغاربة، تقريباً سبعون في المائة، لا يثقون بالعملية الانتخابية، لأنهم رأوا تناوب نخب انتهازية في جلها، على تدبير الشأن العام، ولا يهمها إلا الاغتناء الشخصي، والمصالح الذاتية وليس المصلحة العامة. فنحن اليوم، رغم أننا نتقدم بمشروع متكامل ونظرة مستقبلية مهمة، لكننا في الآن نفسه نعول على تنامي الوعي داخل مجتمعنا. وهو ما جعل لمشروعنا اليوم شعبية متنامية ومناضلونا الذين قدمناهم في كل اللوائح، اخترناهم من خيرة المواطنين والمواطنات، أغلبهم أساتذة من مختلف الأسلاك، بما فيها السلك الجامعي، أغلبهم مناضلون معروفون هم فاعلون حقوقيون وجمعويون وهم أناس شرفاء ونزهاء. والمواطن اليوم إلى جانب أهمية مسألة الاستقرار والأمن، تهمه أيضاً مسألة النخب النزيهة التي تعرف أن السياسة هي أولاً وقبل كل شيء أخلاق، قبل أن تكون خدمة موجهة للمواطنين والمواطنات وللوطن.

○ هل يمكنكم التحالف مع أحزاب محافظة في حالة كنتم أمام هذا القرار؟

• أولاً، كل الأحزاب في المغرب محافظة إلى رجعية، ونحن لدينا مشروع تقدمي، لذلك لن نقبل التحالف مع من لا يؤمن بأم المبادئ ألا وهي الحرية ويريد أن يستعبد الناس بأي شكل من الأشكال. ثانياً، لا يمكن أن نتحالف مع من لا يعترف بإنسانية المرأة وبإمكانية مساواتها مع الرجل، ويعتبر المرأة ربع رجل وأن زواج القاصرات شبه عادي، وأن تشغيل الفتيات القاصرات في البيوت كخادمات، وهو نوع جديد من استعباد الناس، عادي…لن يجمعنا معه أي شيء. ومن يضرب المدرسة العمومية ضارباً بذلك السلم الاجتماعي وتكافؤ الفرص وحق الفئات الكادحة في أن تتقدم وتتحرر وتستقل وتشتغل لا يمكن أن نتحالف معه. لا يمكن أن نتحالف مع من يضع يده كاملة في يد المؤسسات الدولية التي تضرب المكتسبات الاجتماعية المغربية. لا يمكن أن نتحالف مع الذي لا يريد أن يحارب الفساد بكل أشكاله، لا نريد أن نتحالف مع الذي لا يؤمن بالديمقراطية أو الذي ويريد أن يفرض فكراً وهابياً أو فكراً نكوصياً ومتطرفاً على بلادنا، وكذا الذي لا يؤمن بأننا بحاجة إلى ثورة ثقافية تنويرية لاعادة قراءة متنورة لتراثنا الحضاري والانساني والديني.

وهذا التوصيفات لا نجدها في الاحزاب. كنا نجدها في أحزاب الصف الوطني الديمقراطي الآتي من الحركة الوطنية الذي يعرف اليوم نوعاً من التيه. فشِق منه تحالف مع التيارات المحافظة الرجعية، وشق منه تحالف مع أحزاب الدولة الرجعية المستبدة. يعني لا يمكن لنا أن نتحالف ونحن نريد مغرباً ديمقراطياً حداثياً تتحقق فيه المساواة الكاملة وننتقل فيه من وضع رعايا مستضعفين إلى وضع مواطن كامل المواطنة نستفيد من خيرات بلادنا على قدر المساواة.

○ أشرت خلال ندوة صحافية، مؤخرا، إلى أنك تعرضت لمحاولة اغتيال، ما هو مدى صحة هذا الأمر، وهل أنت خائفة على حياتك؟

• هي حادثة قديمة وقعت منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقررنا داخل أجهزة الحزب، بما فيها المكتب السياسي، أن لا تكون هناك متابعة أو ضجة، لأن أمامنا ملفات كبرى ونحن نريد وضع طاقاتنا كلها في خدمة هذا الوطن، وخدمة المشروع التحرري، وليس أن نضيع وقتنا في المتاهات و المحاكم والتبريرات، هذا أمر لا يهمنا. أنا لا زلت على قيد الحياة إلى جانب رفيقاتي ورفاقي، والطريق طويل ومستمر ونحن مستعدون لخوض غماره وفاء لتضحيات الشهداء ودمائهم الزكية في معركتهم مع الاستعمار.