مطلق بن سعود المطيري&

أن تكون مصالحك الخاصة نقطة ارتكاز حيوية تقيس من خلالها علاقاتك بالآخرين، فكرة ليست خاطئة، فالدول مثل الأفراد يتأثرون من أعدائهم وأصدقائهم، فالعدو لو لم يكن له تأثير سلبي لما أصبح عدوا، وكذلك الصديق في الجهة الأخرى ان لم تكن صداقته إيجابية فهو أقرب لخدمة العدو من الصديق، تلك الفكرة التي تقسم البلدان الى ضدين حملت طابعا سلبيا بسبب استخدام الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن لها بعد احداث 11 من سبتمبر، بسبب الشعور الانتقامي التي جاءت به، وكذلك من استخدام زعيم القاعدة في ذلك الوقت أسامة بن لادن لها "تقسيم العالم إلى فسطاطين" فابن لادن وبوش الابن استخدما تلك العبارة انتقاما ليس من بعضهما فقط، بل من كل مخالف لهما، مما أثر على صورة العدالة في تلك العبارة.&

نحن في المملكة نحتاج لعدالة تلك العبارة وليس لانتقامها: من لم يكن معنا في الحق فنحن لا نحتاج له في الباطل، فبعد قانون جاستا ومؤتمر غروزني الذي يسعى لإخراجنا من أهل السنة والجماعة لم يعد هناك مساحة من الاختلاف مقبولة ممكن ان نرضى لأصدقائنا التموضع بها، الظروف أجبرتنا على ذلك، فمشروع استنبات الفوضى في ارضنا ليس تعليق كاتب صحفي في جريدة بل سياسة لها شواهد كثيرة على الواقع، فاجتماع علماء مسلمين يمثلون طوائف تحسب على السنة لعزلنا عن العالم الإسلامي سياسة تجهز الأرض لحركة مدمرة، والكونغرس الأميركي لم يصدر قانونا لمحاسبتنا زورا بسبب ظروف أعضائه الانتخابية وحسب، فالتوقيت أداة تستخدم للوصول الى الغاية: وهي محاسبتنا ليس بسبب جريمة اقترفناها ولكن بسبب هوية تمسكنا بها.

&الخارجية السعودية يجب ألا تنظر لأدائها اليوم وكأنها أمام اختبار مصيري عليها ان تجتازه او ينتهي حضورها تماما، بل أمام مهمة عمل عليها اختيار التوقيت المناسب والمكان المناسب للقيام بها، فالوظيفة عمل وليست معركة تشعل فيها النيران، فمجرد القيام بها بالشكل المطلوب يعد نجاحا، تعريف الوظيفة السياسية في الأزمة أمر في غاية الأهمية، والأدوار المطلوبة فيها، أول هذه الأدوار العمل على تأمين الاستثمارات السعودية في أميركا من كل خطر قد تتعرض له، وكذلك صياغة رسالة تحذيرية لكل إنسان سعودي متواجد في أميركا "ان يكون يقظا" بسبب مشاعر الكراهية التي غذاها قانون جستا للمواطن الاميركي، وهذا التحذير يعزز معنى قانون جاستا الذي نريد ان يصل الى الشعب الأميركي، فبعد عشرات القضايا المرفوعة على المملكة بسبب احداث 11 سبتمبر وجميعها نكسبها لصالحنا، فلا يوجد معنى يحمل صفة العدالة في هذا القانون، فقط قانون يعزز شعور الكراهية بين سكان الأرض جميعا، فان استطاعت وظيفتنا الإعلامية والدبلوماسية ان توصل هذه الرسالة نكون نجحنا إعلامياً في مهمتنا المطلوبة، في العالم العربي يجب ان نرى مهمة جديدة لوظيفتنا السياسية ترتكز على فكرة: المملكة او جاستا، فالمواقف البين بين سوف تخلق تصورات واضحة على ورطتنا وليس على تورط اصحاب المواقف الضبابية، فالعالم العربي بدأ يتشكل اليوم من جديد على وقع المخاطر الجديدة، فالخسارة اليوم لم تعد فرصاً استثمارية او سياسية بل الخسارة أصبحت خسائر دول بأكملها بأرضها وشعبها، فمن ليس معنا فالأكيد أنه ضدنا.