& فتح الرحمن يوسف

قالت رشيدة داتي، وزيرة العدل الفرنسية السابقة عضو البرلمان الأوروبي، إن القانون الأميركي المثير للجدل، المعروف باسم «جاستا»، مرفوض فرنسيا وأوروبيا، وسابقة في تاريخ انتهاك القانون الدولي وخرق حصانة سيادة الدول على مستوى العالم.&

وقالت داتي، في حوار مع «الشرق الأوسط» قبل ساعة من مغادرتها مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض، إن السعودية، دولة محورية في المنطقة تلعب أدوارا غاية في الأهمية، لبسط الأمن والسلام الدوليين، وصاحبة تجربة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب، مما جعلهم في الاتحاد الأوروبي، حريصين على تعزيز التعاون، لاستلهام استراتيجيتها الفعالة في هذا الصدد، من خلال مؤسسات محترفة، تعمل بفكر عميق، خصوصا مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، ومركز الحوار الوطني.

&الوزيرة داتي، وجدت ترحيبا كبيرا من قبل المسؤولين السعوديين، خلال زيارتها الرسمية إلى الرياض، وقالت: «سعيدة جدا بأنني خرجت بعدة لقاءات ومباحثات، أثمرت شكلا مهما من التعاون الثنائي في أكثر من مجال، عبر عدد من مؤسساتها المهنية، ووجدت نفسي مبهورة جدا بكفاءة وثقة المرأة السعودية العاملة في مجلس الشورى باحترافية عالية، ولذلك ستطبع هذه الزيارة ذكريات طيبة جدا في ذاكرتي».

&* ما رؤيتك الشخصية والرسمية للقانون الأميركي «جاستا» ومآلاته؟&

- أعتقد أن قانون «جاستا» الأميركي، يمثل انتهاكًا وخرقًا للقانون الدولي، إذ إنه يهدد مبدأ الحصانة السيادية الوطنية لدول العالم، ويكتنف على غباء قانوني إلى درجة السذاجة، ويمثل إجراءً قانونيًا خطيرًا للغاية وسابقة قانونية وضيعة جدًا، ولا يمكن أن تقبل به أي دولة من دول العالم، وفي فرنسا هناك محاولة من بعض البرلمانين لمناقشة قانون «جاستا» في البرلمان، غير أن الحكومة الفرنسية رفضت ذلك كليًّا، في وقت أعلنت فيه الحكومة الفرنسية علانية رفضها التام لهذا القانون غير المتوازن وغير المتوافق مع القانون الدولي والمواثيق الدولية، وكذلك موقف قطاع عريض من دول الاتحاد الأوروبي.

&* أنهيت للتو زيارتك للسعودية.. ما الهدف منها؟&

- كعضو في البرلمان الأوروبي، كنت كتبت تقريرًا لتبني اتخاذ أدوات وإجراءات نافذة، من أجل محاربة الإرهاب والحيلولة دون عملية استقطاب المواطنين الأوروبيين من قبل المنظمات الإرهابية، ومن هذا المنطق فإن الهدف من زيارتي هذه للسعودية، يهدف بالمقام الأول للتحدث والتشاور مع السلطات السعودية، حول ما يتعلق بالاستراتيجية التي تتبعها المملكة في مكافحة الإرهاب، والطرق والأساليب التي تستخدمها في سبيل محاربة التطرف ومنع التغرير بالأجيال الشابّة.&

كذلك، ناقشنا مع الجانب السعودي، المعايير والإجراءات الضرورية لتعزيز مبدأ الشفافية المتعلقة بالمعاملات المالية، فيما بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي، كما أكدنا أهمية التوطين الاستراتيجي والدور السعودي المهم والمؤثر المتعاظم فيما يتعلق بتحجيم ومحاصرة التوترات والحلول المطروحة للصراعات في الإقليم.&

* ما طبيعة اللقاءات الرسمية التي عقدت معك وما الملفات التي تم بحثها؟

&- قابلت بالطبع كبار المسؤولين بالسعودية، وكان العنوان البارز لهذه اللقاءات الأسئلة المتعلقة بسبل محاربة الإرهاب ومنع التطرف، إضافة إلى سبل استقرار المنطقة، كذلك تحدثنا في هذه اللقاءات حول البرنامج الأسطوري والطموح «الرؤية السعودية 2030»، والتي عمل على تطويرها الأمير محمد بن سلمان، ببعد استراتيجي، حيث إن هذا البرنامج الذي يتسم بإصلاحات بنيوية عميقة، سيحدث انطلاقة ونقلة تاريخية عظيمة وتحوّلاً خارقًا في المملكة، فيما يتعلق بالنواحي كافة التي تهم المجتمع السعودي، خصوصًا على المستوى الاقتصادي والتعليمي والثقافي والاجتماعي والسياسي، كما أنني التقيت أيضًا برؤساء لجان مجلس الشورى السعودي، خصوصًا العنصر النسائي الاستثنائي الرائع فيه، فهن بحق جديرات كفاية بإحداث تطوير وارتقاء كبير بمستقبل السعودية والمجتمع السعودي، كما كان اللقاء مع وزير العدل السعودي هادفًا ومثمرًا جدًا، إذ وصف لنا مسيرة التحولات التي شهدها القانون الذي وضع لمحاربة الإرهاب والتطرّف.

&كما دعيت لزيارة مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، حيث يهتم برعاية الأفراد المتطرفين، المحالين إلى البرنامج، بشكل يتلاءم مع مستوى التطرف، حيث تجرى لهم مقابلات بهدف إنقاذهم وانتشالهم من الحالة الذهنية والنفسية والعقلية التي كانوا يعيشونها. كما التقيت المسؤول عن صندوق الاستثمارات العامة، الذي قدم لنا بدوره، صورة كاملة عن الآليات الكفوءة لتحقيق «رؤية السعودية 2030»، كما كانت لنا لقاءات مع كل من نائب الأمين العام لمجلس دول الخليج العربي ونائب الأمين العام لمركز الحوار الوطني السعودي، وكانت جميع تلك اللقاءات بناءة تدارسنا فيها سبل تعزيز كل الآليات والأفعال التي ستعمّق التعاون بينها وبين الاتحاد الأوروبي.

&* بمناسبة مباحثاتك مع مركز الحوار الوطني.. ما خطتكم للتعاون معه فيما يخص محاربة الإرهاب في أوروبا بشكل عام وفي فرنسا بشكل خاص؟&

- مركز الحوار الوطني قطع شوطًا مقدّرا في محاربة الإرهاب بفضل الحوارات المتبادلة بالنسبة للأئمة، وحملات التواصل والاتصال والاجتماعات بين المعلمين والطلاب ورجال الدين والمؤتمرات العامة المفتوحة، ولذلك أعتقد أن مركز الحوار الوطني يمثل إحدى أهم الأدوات الفعالة، في ظل تنوّع أعضائه، الذين يمثلون التعدد الجغرافي وكل العادات والأصول بمستويات رفيعة وبمشاركة نسائية مقدّرة، وهو ما أكسب المركز التنوّع في آليات العمل المتعلقة بالتواصل والاتصالات، مع تعدد الجهات والشخصيات المستهدفة، وأكثر من ذلك، فإن هذا المركز بمثابة مركز تربوي بامتياز، بالنسبة لمنع ومحاربة التطرف، سيما وأن واحدة من جذور التطرف هو الجهل بالإسلام وسوء استخدامه.&

وعليه، من المؤكد أننا سنستوحي أفكار هذا المركز للاستفادة منها في أوروبا، عمومًا فإن كلاً من مركز الحوار الوطني ومركز الأمير محمد بن سلمان للمناصحة والرعاية، يعطي إشارة واضحة، بحجم ما تبذله السلطات السعودية من جهود كبيرة في سبيل تحقيق الهدف منه، بشكل قوي ملتزم بالعمل على منع التطرف عبر تفهم أبعاده مسبقًا من خلال التوضيح وتوفير الدليل على الأقل.

&* كيف تنظرين إلى برامج «الرؤية السعودية 2030»؟&

- الرؤية تركز على ثلاثة قطاعات رئيسية مصحوبة بجهود حقيقية للمحافظة على مكتسبات بلاد الحرمين الشريفين المقدسة إلى أبعد حدّ، فهي تعزز سياسة تنويع مصادر الإيرادات لدى السعودية، وبالفعل ستحدث من خلال تطبيق طرق عدة للعوائد منها تقليل النفقات وترشيدها بشكل أفضل، والاتجاه نحو تجربة اقتصادية كبرى، وأحد أهم الإجراءات والتدابير المتعلقة «بالرؤية 2030»، هو طرح ما نسبته 5 في المائة من أسهم الشركة السعودية للزيت «أرامكو»، في عام 2017 أو عام 2018 للاكتتاب، وهذا سيمكّن صندوق الاستثمارات العامة، من الاتجاه نحو مستوى جديد لإنشاء أكبر صندوق سيادي بما يقدّر بتريليوني دولار وفقًا لهذا البرنامج.

&* ختامًا كيف تقيمين السعودية كدولة وكمجتمع في هذا الجزء من العالم؟&

- كنت زرت السعودية في زيارة رسمية قصيرة، وفي زيارتي هذه وجدت ترحيبًا كبيرًا من قبل المسؤولين السعوديين، وأنا سعيدة جدًا لأنني خرجت بعدة لقاءات ومباحثات، أثمرت شكلا مهما من التعاون الثنائي في أكثر من مجال، عبر عدد من مؤسساتها المهنية، ووجدت نفسي مبهورة جدًا بكفاءة وثقة السعوديات العاملات في مجلس الشورى، ولذلك ستطبع هذه الزيارة ذكريات طيبة جدًا في ذاكرتي، وأخلص إلى أن السعودية دولة كبيرة ومحورية وقوة لا يستهان بها، ومؤثرة في عملية السلام والأمن الدوليين في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم أجمع، وبينها وبين الاتحاد الأوروبي أكثر من مشروع للتعاون.

&