أحمد الرضيمان&&

أعداء الإسلام يستغلون أصحاب الشبهات وأصحاب الشهوات، ويضربون بعضهم ببعض، وينفذون من خلالهم للكيد للإسلام، واستهداف منبع الإسلام، المملكة العربية السعودية

لا يخفى على أحد أن الضعيف، يُنظر إليه بشفقة ورحمة، فلا يُستهدَف ولا يُحسَد، وإنما يُستهدَف ويُحسَد القوي ذو المكانة العالية، فكل ذي نعمة محسود، ولما كانت المملكة العربية السعودية قوية بدينها، ومكانتها، وأسبغ الله عليها وعلى أهلها نِعمه ظاهرة وباطنة، فقد استهدفها المجرمون، أعداء الأنبياء، وهذا دأبهم الذي بينه الله لنا بقوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا)، فكل نبي له عدو من المجرمين، ولأتباع الأنبياء كذلك عدو من المجرمين، فالمجرمون الذين عادوا الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يعادوه لأنه محمد بن عبدالله، وإنما عادوه لدينه، وإلا فقد كانوا قبل ذلك يُكرمونه ويصفونه بـ(الأمين)، وهكذا المجرمون الذين يُعادون المملكة العربية السعودية، لم يُعادوها إلا لتمسكها بالدين الصحيح الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسيستمرون على ذلك، ما دامت متمسكة بدينها، وقد نبأنا العليم الخبير بهذا فقال: (ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)، وقال: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِندِ أنفسهم)، وورد في البخاري: أنه ما جاء أحد بمثل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إلا عُودِي وأُوذِي. هذه حقيقة لا تقبل الشك.

ومن جملة عدائهم لبلادنا السعودية المسلمة: استحواذهم على السفهاء من بعض أبناء المسلمين، عن طريق وكلائهم الذين يرفعون شعار الإسلام ونصرته، خداعا وطُعما وتمويها، ثم يمكنوهم من التهور والإساءة، ليتخذوا من تصرفاتهم الرعناء التي رسموها لهم، عُذرا للتسلط والإيذاء والبغي،لأن ابتغاء الفتن، وتقليب الأمور، هو سبيلهم وسبيل أسلافهم، كما قال تعالى (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور). ولكن العاقبة للمتقين، وهو سبحانه ناصر دينه وعباده المؤمنين، ودافع عنهم الشر وأهله، برهان ذلك قوله تعالى (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)، وقوله (إن الله يدافع عن الذين آمنوا).

ومن توفيق الله لقادة هذه البلاد: أنه لا نظير لهم في هذا العصر من جهة نصرة العقيدة، وخدمة الإسلام، كما ذكر ذلك الراسخون في العلم، كالشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، وكما هو واقع& يشهد به كل منصف، فها هم يعلنون قولا وعملا نصرتهم& لدين الله، كما فعل أسلافهم من قبل، مهما تحزب عليهم الأعداء والحاقدون، وإذا قيل لهم: إن الأعداء قد جمعوا لكم، زادهم إيمانا، وتمسكا بدينهم، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. ومما يشعر بالعزة، قول أمير مكة خالد الفيصل وفقه الله في موسم الحج (لو تخلّى العالم كله عن الإسلام، ما تخلت المملكة).

هذه كلمة عظيمة، من رضوان الله أرجو أن يرفعه الله بها درجات في الجنة، كما جاء ذلك في الحديث: (إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة -مِنْ رضوان الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها في الجنة درجات)، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح قوله –لا يلقي لها بالا- (يعني: أنه لا يظن أنها تبلغ به ما بلغ، وإلا فهو قد درسها وعرفها وألقى لها البال، لكن لا يظن أن تبلغ ما بلغت يرفع الله له بها درجات في الجنة). وهو بهذا على نهج الملك عبدالعزيز القائل: (كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، إني والله وبالله وتالله، أقدم دمي ودم أولادي وكل آل سعود فداء لهذه الكلمة).

أيظن عاقل أن الله يخذل هذه الدولة السعودية من أجل أنها نصرت التوحيد، واعتزت بالإسلام، ويديل الباطل وأهله على الحق وأهله إدالة مستقرة، يذهب معها الحق؟ من ظن ذلك فقد ظن بالله ظن الجاهلية، كما قال تعالى (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية)، وقال تعالى (الظانين بالله ظن السوء)، وقد فُسِّرَ هذا الظنُّ الذي لا يليقُ باللهِ، بأنه سبحانه لا ينصُرُ رسولَه وأهل الإيمان، فهذا ظن سوء، وتكذيب لوعد الله بنصر من ينصر دينه، قال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، فمن حقق الشرط، وهو نصرة دين الله، تحقق له المشروط قطعا، وهو نصرة الله له، لأن خبر الله صدق، ووعده حق. ونصرة الدين إنما تكون وفق المنهج النبوي، وليس منهج الخوارج الثوري.

وفي قوله (وكفى بربك هاديا ونصيرا)، في خاتمة الآية، بعد ذكر عداوة المجرمين، بشارة عظيمة، فهو هاد لمن أراد أن يضله أعداء الأنبياء بالتشكيك والشبهات، ونصير لمن أراد أن يعتدي عليه أعداء الأنبياء، مهما كانت قوتهم، وشدة مكرهم. وقد نصر الله بلادنا في مواطن كثيرة، وسينصرها وينجيها من كل كرب، فهي مأرز الإيمان، ومنبع الإسلام، وقادتها هم ناصرو التوحيد.

وحري بكل مواطن: أن يدافع عن دينه ووطنه، ويفوِّت الفرصة على المجرمين، الذين يثيرون الفتن، لاسيما وقد تبين لكل عاقل أن التنظيمات الحزبية، والرايات العمية، تديرها جهات معادية للإسلام وأهله، شعارها الجهاد ونصرة الإسلام، وحقيقتها الكيد للإسلام وأنصاره، وهكذا فإن معارضة الأحاديث النبوية، وتقديم الهوى والرأي على الشرع، واتباع سنن اليهود والنصارى، ودخول جحر الضب خلفهم، واتهام مناهج المملكة، شعارها إعمال العقل، وحقيقتها إلغاء العقل والنقل.

وأعداء الإسلام، يستغلون هؤلاء وهؤلاء، من أصحاب الشبهات، وأصحاب الشهوات، ويضربون بعضهم ببعض، وينفذون من خلالهم، للكيد للإسلام، واستهداف منبع الإسلام، المملكة العربية السعودية، لكنهم مخذولون إن شاء الله. والمأمول ممن زلت به القدم -وهم قلة- أن يعودوا إلى رشدهم، ولا يكونوا عونا للأعداء على أهلهم ومجتمعهم وقيادتهم، مهما قدم لهم الأعداء من زخارف القول، ومهما شعروا بالظلم من الأقربين، سواء كان هذا الشعور حقيقيا أو متوهما. وليلزموا وصية النبي عليه الصلاة والسلام القائل (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، ولا يُنازعوا الأمر أهله، فربما علموا شيئا، وغابت عنهم& أشياء.

&

&