خالد السهيل&

سابقا كان منتهى طموح العرب، تحرير فلسطين من المحتل الصهيوني. اليوم أصبحت أولوية العرب تحرير العراق وسورية وليبيا واليمن ودول أخرى من تسلط "داعش" و"القاعدة" ومن الحوثيين الذين تستخدمهم إيران لإكمال الطوق على المملكة ودول الخليج العربي وبقية الدول العربية.

&مؤلم جدا، أن يتوارى مفهوم التحرير للوطن المحتل، ليتم الانشغال عن ذلك بمحاولة التحرر من بغاة يتحدثون لغتنا، ويزعمون - ظلما وعدوانا - أنهم يحاربون باسم الله، وهم في قسوتهم وجرائمهم ووحشيتهم أقرب إلى الشياطين.

&من المؤلم أيضا أن الغشاوة لا تزال تغطي عيون البعض، فلا يرون في "داعش" و"القاعدة" تهديدا، ولهذا فإننا نسمع في خطب الجمعة دعاء مبهما للمجاهدين في كل مكان.

&هذه الأدعية الملغومة، التي لا يصاحبها دعاء على "داعش" و"القاعدة" وجبهة النصرة تكرس صورة مشوهة للواقع الذي ينبغي تغييره. وعندما يكون الدعاء للمجاهدين في ليبيا وسورية والعراق.. إلى آخره، فإن الأمور تغدو شديدة الالتباس، وغير قابلة للفهم، إذ لا يمكن في الواقع الليبي تمييز الصورة التي تعشعش فيها عصابات "داعش" وفوضى النزاعات القبلية على النفوذ ومشكلات الرحل من الطوارق والبربر الذين وجدوا أنفسهم يعيشون أزمة الوطن والمواطنة.

تلك التركيبة المرتبكة لا تختلف عن الصورة في أماكن أخرى. وفي اليمن الجار القريب للمملكة ودول الخليج العربي، ترى الفسيفساء تجمع بين المتناقضات والأضداد وهم هنا الأقلية الحوثية التي أرادت الاستئثار بكل شيء مع جماعة الرئيس المخلوع علي صالح، ويشاركهم في المشهد "القاعدة" و"داعش" الذين يتفقون مع الحوثيين في مساعيهم لتقويض الشرعية هناك والإمعان في تكريس الفوضى. هذه الفوضى التي تسيدت في أعقاب الخريف العربي، كانت ولا تزال تمثل تحديا عربيا وعالميا.

&وسط كل هذا الاضطراب، توارت طموحات إطلاق وبناء الوطن الفلسطيني، إذ حتى الفلسطينيين أصبحوا أطرافا في تلك المآزق، وأقحموا أنفسهم في الشؤون العربية، فأصبحوا جزءا من تركيبة الصراع، وهذا الأمر جعل الضرر يتفاقم عليهم.&

وفي ظل كل تلك الأوضاع السياسية المتأزمة من حولنا، يتعزز الواقع الاقتصادي العالمي الضاغط، وتحاول المجتمعات المستقرة أن تنأى بنفسها عن المضاعفات الناتجة عن هذه الحالة العربية والعالمية المرتبكة.

&هنا من الضروري الانتباه إلى تحصين المجتمع من الشائعات والحذر من جهود خارجية وداخلية تهدف إلى بناء رأي عام زائف، يجري من خلاله استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لصياغته. مواجهة هذه الأمور تتطلب وعيا من المواطن بضرورة عدم الانسياق وراء الطروحات المشبوهة التي تزرع الأحقاد والضغائن ولا تحقق أي فائدة. وفتح الفضاء للحوار تحت المظلة الرسمية بدلا من البحث عن منابر موبوءة مثل بعض فضاءات الإنترنت.

&