&سمير عطا الله&

البرتغال دولة على حدود الأشياء وهوامشها. أوروبية، لكن على الأطلسي. وأيبيرية مع إسبانيا، لكن على الهامش. وإمبراطورية سابقة لم تعط لغتها سوى للبرازيل، بينما أعطت إسبانيا لغتها إلى سائر اللاتينيين. ولذلك، لم «نرَ» البرتغال كثيرًا في طريقنا، أو على جوانب الطريق. كانت مطربتها أماليا رودريغز في عظمة فيروز، لكنها ظلت داخل الحدود وفي المستعمرات البرتغالية السابقة. ورساموها الكبار ظلوا في غاليريهات لشبونة. لولا شاعرها الساحر فرناندو بيسوا لظل شعرها أيضًا مع أغاني أماليا، التي شعرنا بسحرها عن قرب في بيروت، عندما كان كبار العالم لا يزالون يرون بيروت على خريطة الفنون والإعلام.

سوف ينقل أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة، بلاد بيسوا إلى خارج الحدود السياسية. لا نعرف أي نوع من الأمناء سوف يكون، لكن تفاصيل سيرته تدعو إلى الاحترام. ولاحظ جنابك أن أول المقترعين للزعيم الاشتراكي السابق كانت الولايات المتحدة. لم تعد المسألة مهمة منذ أن تحول الحزب الشيوعي في موسكو إلى حزب معارض. وفي الاستمارة التي تملأها لزيارة أميركا حذفوا من الأسئلة «إن كنت تعاني من مرض معد، أو عضوًا سابقًا في الحزب الشيوعي». الأغنياء الروس يتصدرون أغنياء العالم، والسوق الأكبر لسيارات لامبورغيني في الصين.

لم يبق من الشيوعيين الكالحين سوى بعض المرضى في لبنان، وهم الجنس غير البائد الوحيد الذي يدافع عن زملائه في كوريا الشمالية. أما الحزب الشيوعي نفسه فقد نظم أحواله وطهر رواسبه ودفع إلى الواجهة بأفضل من لديه، يتقدمهم زعيم الحركة العمالية الصادقة والخالية من السوس، حنا غريب.

أما الذين يعتاشون على نسب بطاقة الماضي، فدجل وجواز للسب والشتم ونفث الأمراض العصبية العصية على المصحات.

نعت «العربية» الأسبوع الماضي الكاتب صالح المنصور.

وكان يذكرني بالرحالة الدنماركي رونكيير الذي ذهب إلى الكويت أوائل القرن الماضي في طريقه إلى الرياض لمقابلة الملك عبد العزيز. وخلال الأيام التي أمضاها في الكويت لاحظ أن رجلاً أوروبيًا افتتح مكتبة لبيع الأناجيل. وعندما تحدث إليه قال له هذا بأنه سوف يغلق المكتبة ويسافر خلال أيام، لأنه منذ عامين إلى حينها لم يدخل إلى مكتبته نفر واحد.

&&