&رحاب عليوة

لجأ أصحاب المحال التجارية في منطقة خان الخليلي السياحية وسط القاهرة إلى فناني أفلام الأبيض والأسود ومطربي «زمن الفن الجميل» لمساعدتهم في الترويج لبضائعهم على المستوى المحلي وللسياح العرب، كبديل من البضائع التقليدية التي يشتهر بها الشارع من تحف فرعونية وأوراق بردى وهدايا نحاسية.

ما إن تقصد الشارع الرئيس من مدخله المقابل لمسجد الحسين، تستقبلك السيدة أم كلثوم بصورتها المطبوعة على قطع قماش مختلفة الأحجام، بعضها يحمل عبارات من أغنية «لسة فاكر» وأخرى تحمل كلمات أغنيتها «أنت عمري»، بجوارها لوحة قماشية كبيرة تحمل صوراً مجمعة للسندريلا سعاد حسني.

وتستخدم تلك الأقمشة كمفارش أو لوحات تعلق على الحائط، إضافة إلى مخدات للزينة مطبوع عليها صور رشدي أباظة، والجميلة زبيدة ثروت، والشحرورة صباح، وحتى الفنانة نعيمة عاكف التي لم تحظ بمكتبة سينمائية ضخمة، ومع ذلك استطاعت أن تسجل نفسها كأول فنانة استعراضية على المستوى العربي، ومن أشهر أدوارها «تمر حنة».

لم يكتف شارع خان الخليلي، البازار السياحي الأول في مصر، بإخراج فناني أفلام جيل الخمسينات فصاعداً ليزين بها جدرانه، بل أحيا ملصقات الأفلام أيضاً، فأعاد طبعها ملونة لإضفاء روح الحداثة عليها.

ويأتي فيلم «الزوجة الثانية» (إنتاج 1967) على رأس تلك الأفلام. وسبق ظهور تلك البضائع تماثيل للسيدة أم كلثوم والفنان محمد عبدالوهاب وغيرهما، إضافة إلى طبع صور المشاهير على أكواب للشرب والزينة.

يقول حسام محمود (28 سنة)، أحد أصحاب المحال التجارية في شارع خان الخليلي، أن حركة البيع بدأت تنتعش بالبضائع الجديدة المطبوع عليها صور أشهر فناني العرب وأكثرهم قرباً للجمهور، مشيراً إلى أن تدهور السياحة في مصر عقب التغيرات السياسية المتتابعة التي تشهدها البلاد منذ 5 سنوات، جعل التجار يفكرون في بدائل.

ويضيف في حديثه إلى «الحياة»: «كان البديل إعادة إنتاج بضائع مناسبة للسياحة الداخلية والسياح العرب، فورق البردى والتماثيل الفرعونية ليست مبهرة كفاية بالنسبة إليهم لأنهم معتادون عليها. لذلك فكرنا في اللجوء إلى فناني الأبيض والأسود الذين لا يزالون محافظين على نسب المشاهدة العالية على رغم انتشار الأفلام الحديثة وتطور السينما وتقنياتها العالية... كان الرهان عليهم صائباً، وقد ساعد على ذلك اتجاه الدولة إلى تنشيط السياحة الداخلية، وإعادة اكتشاف المصورين والمجموعات الشبابية المهتمة بتنشيط السياحة للشارع والترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن بات متنزهاً رئيساً للعائلات في مصر».

ندى زين الدين ( 25 سنة) واحدة من الشابات اللواتي كان لهن الفضل في تنشيط السياحة الداخلية في مصر، انطلاقاً من النقطة الأقرب في قلب القاهرة منطقة خان الخليلي، إلى 30 محمية طبيعية في أنحاء متفرقة من البلاد. تقول ندى، المتخرجة في قسم الجغرافيا في جامعة القاهرة، أنها أطلقت مبادرتها في نيسان (أبريل) 2014 لتنشيط السياحة الداخلية، تحت اسم «تعالوا نعرف مصر» عبر مجموعة على موقع «فايسبوك»، كان في البداية عدد أعضائها 50 فرداً فقط ثم وصلوا إلى الآلاف.

وأشارت إلى أن تنشيط السياحة الداخلية للتجارة لم يقف عند حد البضائع المزينة بصور فناني الأبيض والأسود، بل تعدّاه إلى التحف النحاسية والمنتجات المصنوعة يدوياً، خصوصاً حقائب الجلد والمصنوعة من قماش الخيام، موضحة أن ذلك وإن لم يكن قد حقق للتجارة عائداتها السابقة وقت انتعاش السياحة، فإنه أنقذ الموقف وحافظ على أعمال هؤلاء التجار من الانهيار.

وأوضحت أن عدد أعضاء المبادرة وصل إلى خمسة آلاف، ممن شاركوا معها في تلك الرحلات أو عرّفوا عن الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بفضل الصور التي يشاركونها.