خالد أحمد الطراح&

مدينة غروزني، عاصمة جمهورية الشيشان التابعة سياسيا إلى روسيا، التي بدورها تابعة للاتحاد السوفيتي قبل انهياره، لم تكن من الجمهوريات ذات الاثارة او الدور السياسي مقارنة مع جمهوريات اخرى في المنظومة السوفيتية، الى ان دخلت ابان مرحلة الرئيس الروسي بوريس يلتسين في مواجهات سياسية ادت فيما بعد، في عام 1994، الى نشوب مواجهة عسكرية مع روسيا، ما جعل الشيشان تبرز على الساحة الدولية.

في اواخر شهر اغسطس، اثار مؤتمر ديني تحت عنوان اهل «السنة والجماعة»، احتضنته مدينة غروزني برعاية الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف وحضور عربي واسلامي، من بينهم رئيس الازهر الشيخ الدكتور احمد الطيب الذي حضر المؤتمر، وفقا لما نشر اعلاميا، بصفته الشخصية وليس الرسمية، جدلا دينيا وسياسيا في العديد من العواصم الاسلامية ومن قبل المنظمات الاسلامية، خصوصا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهيئة كبار العلماء في الشقيقة السعودية ومنظمة التعاون الاسلامي.

الجدل وردود الافعال انحصرت في جوانب فقهية ودينية بحتة من قبل السلف وجماعات اخرى حول توصيات المؤتمر التي اختلف معها من اختلف، ومنها مراجع دينية ومنظمات ودول اسلامية، فيما اوضح الازهر في بيان رسمي ان شيخ الازهر لم يشارك في توصيات المؤتمر، لكن كانت له كلمة في المؤتمر فقط!

المؤتمر حدد اهدافه الرئيسية في «تصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم اهل السنة والجماعة اثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب وقصره على انفسهم واخراج اهله منه».

ودخل الجدل في المرجعية الدينية، فيما اذا كانت السعودية تشكل مرجعا دينيا، بينما آخرون اعتبروا الازهر المرجع الديني، وهناك من المحللين الذين اختلفوا مع هذا الطرح واعتبروا الازهر مدرسة دينية، بينما السعودية مرجع ديني لأسباب علمية ودينية.

لست من اصحاب الاختصاص في خوض مثل هذا الجدل، لكن المثير بالنسبة لي ان هناك شخصيات دينية ومنها تحديدا جماعة الازهر، يفترض ان تدرك حالة التشرذم الديني والشحن الطائفي والسياسي من دول كإيران ضد السعودية، قلعة العروبة و الاسلام، وما تردد اخيرا بخصوص نزعات ايرانية نحو تسييس الحج من جهة، والتطرف الانتحاري الداعشي الذي تقوده جماعة القتل باسم الدين من جهة ثانية.

العالم الاسلامي والمنطقة العربية تحديدا ينبغي ان تتبنى العديد من ورش العمل والمؤتمرات لبث روح التسامح بين الاديان والطوائف كافة، والتعايش السلمي في المجتمع ككل.

منظمة المؤتمر الاسلامي، التي تحصل على دعم سخي من دول مجلس التعاون الخليجي، يفترض ان تكون من المبادرين على هذا الصعيد والتصدي بعقلانية وحكمة، بعيدا عن التسييس والتحيز ضد اي تيار ديني او سياسي، فالمنشود هو ترسيخ قيم التسامح وتصديرها للدول والمراجع التي تثير انحرافا في التفكير والتخطيط، ويكفينا ما نعانيه من تشرذم سياسي وديني ايضا.

&

&