جهاد الخازن

الولايات المتحدة ليست شرطي العالم. هي لا تستطيع أن تقوم بهذه المهمة التي لم يكلفها بها أحد. ثم أقرأ مَنْ يريد أن تتدخل في سورية أو اليمن، أو مَنْ لا يزال ينتقد فوز باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام في أول سنة له في الحكم.

عندي أسبابي لانتقاد أداء الرئيس الأميركي غير أنني أحاول الموضوعية.

آخر استطلاع للرأي العام في الولايات المتحدة أظهر أن 55 في المئة من الأميركيين يؤيدون سياسته. هذا الرقم عالٍ بالمقاييس الأميركية، وأوباما نفسه، قبل سنة، هبط تأييده الى 38 في المئة. أهم من ذلك أن نتذكر أن جورج بوش الابن، في الشهر الأخير له في البيت الأيبض، هبط تأييده الى 27 في المئة، ولعله رقم قياسي في السقوط. على الأقل، كان هناك هجوم أميركي أمس على الحوثيين بعد إطلاقهم صواريخ قرب مدمرة أميركية.

في ثماني سنوات في البيت الأبيض تجنب باراك أوباما أن يُدخِل بلاده في حروب خارجية، والى درجة أنه تجاهل خطوطاً حمراً رسمها في سورية، وسحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق، وأرسل بدلاً منها «مستشارين» عسكريين أعدادهم قليلة جداً.

لعل أفضل إنجاز للرئيس في ثماني سنوات هو إقالة الاقتصاد الأميركي من عثاره، فقد دخل البيت الأبيض وهناك أزمة مالية أميركية وعالمية. وهو أعاد الاقتصاد الى طريق صحيح، وزادت الوظائف في أيامه حوالى 10.5 مليون وظيفة. الوظائف زادت الشهر الماضي 156 ألف وظيفة، والمعدل الشهري هو 178 ألف وظيفة جديدة. التسريح من العمل في أدنى حدّ له، وهناك ضخ مال لتنشيط الاقتصاد، مع أن صندوق النقد الدولي قال إن الاقتصاد الأميركي سيزيد 1.6 في المئة هذه السنة، وهذه أدنى زيادة له منذ خمس سنوات.

ربما كان أوباما حقق المزيد لولا معارضة مجلسي الكونغرس بما فيهما من غالبية جمهورية كل قرار اتخذه الرئيس. هو استعمل الفيتو لوقف محاولات الكونغرس تعطيل عمله، ونجح كل مرة باستثناء موضوع رفع أهالي ضحايا إرهاب 11/9/2001 قضايا في المحاكم الأميركية ضد المملكة العربية السعودية. ذلك الإرهاب ارتكبه «القاعدة»، وكل خبر أميركي عن الموضوع أشار الى دورها فيه، ثم يغير الكونغرس قوانين عن محاسبة دول ذات سيادة مستهدفاً السعودية. إذا دفعت السعودية قرشاً واحداً فهي ستكون كمَنْ يعترف بذنب لم يرتكبه، وسأعارض ذلك وأعترض عليه في هذه السطور.

عندي مثل واضح على سوء أداء الكونغرس الذي اشتراه لوبي إسرائيل ووضعه في جيبه. قانون الرعاية الصحية الذي طلعت به إدارة أوباما رفضه الكونغرس، والرئيس استخدم الفيتو، ولم يستطع الكونغرس تأمين غالبية الثلثين لنقض الفيتو الرئاسي.
أمامي خبر عنوانه «الرعاية الصحية لأوباما ليست كارثة. كاليفورنيا تثبت ذلك». الموضوع يتحدث عن نجاح الرعاية الصحية في الولاية الأكثر عدد سكان في البلاد كلها، ما يعني أن المشروع نجح حيث نفذ.

أخشى أن يضيق المجال فأكمل بمقال طويل كتبه باراك أوباما ونشرته مجلة «الايكونوميست» تحت العنوان «الطريق الى الأمام»، وقرأت تأييداً للأفكار التي أثارها المقال مثل أن أميركا قامت على الهجرة والآن هناك مَنْ يعارض الهجرة اليها، بل يلجأ الى الحماية (سور دونالد ترامب مع المكسيك).

هل يريد باراك أوباما أن يمتهن الصحافة بعد الرئاسة؟ هو كتب مقالات عدة في صحف ومجلات ومواقع الكترونية في الأشهر الأخيرة، وأمامي ما يزيد على عشرة نماذج من مقالاته عن مواضيع مختلفة، من الاقتصاد الى حقوق المرأة والمحكمة العليا وغيرها.

أعتقد أنه سينجح في الكتابة كما لم ينجح بوش الابن في الرسم.