أحمد الغز& &

غدا الأحد، سيكون في لندن يوم تظهير النتائج النهائية للأزمة السورية، فإما أن تكون خارطة طريق للخروج من هذا النزاع المدمر، وإما دخول دول إقليمية ودولية في حرب كبرى على الأراضي السورية

انتهى الأسبوع الماضي على إيقاع جلسة مجلس الأمن حول سورية، واستخدام روسيا حق النقض على مشروع القرار الفرنسي لوقف العنف وتأمين المساعدات، وكذلك الأمر بالنسبة لمشروع القرار الروسي الذي لم يحصل سوى على 4 أصوات، مما وضع روسيا وحلفاءها أمام مواجهة دولية غير مسبوقة، إذ تصدرت فرنسا المواجهة برفض الرئيس هولاند استقبال بوتين إلا على أساس البحث في القضية السورية دون سواها، مما جعل بوتين يعلن إلغاء زيارته إلى باريس، هذا إضافة إلى الموقف البريطاني الذي طالب فيه النواب في مجلس العموم، ودعوة البريطانيين للتظاهر أمام السفارة الروسية بما هي النازية الجديدة، وهذه التطورات تأتي بعد الاجتماع العسكري الغامض حتى الآن، والذي تم بين كل من أميركا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا، نهاية الشهر الماضي، دون أن يصدر عنه شيء حتى الآن.

يحاول الروس والإيرانيون الاستفادة القصوى من الأيام الأخيرة& للرئيس أوباما مع رهانهما على المرشح الجمهوري، لأنهم يعتقدون أن الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه أوباما في حال وصوله سيحاول استرداد الأثمان التي دفعها من أجل الاتفاق النووي الإيراني، والحفاظ على نظام الأسد وإعادة روسيا إلى الشرق الأوسط بتغطية أميركية.

وهذا يعني أن الروس والإيرانيين غير قادرين على الإيفاء بتعهداتهم مع إدارة أوباما الديمقراطية، ولذلك فهم يحاولون إحداث تطورات تؤدي إلى هزيمة الحزب الديمقراطي وفوز المرشح الجمهوري ترامب الذي لا يُخفي إعجابه بالرئيسين بوتين والأسد.

هذه التطورات أعادت المنطقة إلى عشية استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية لدمشق، وتجاوزه الخطوط الحمراء التي كان حددها الرئيس أوباما أكثر من مرة، محذرا من استخدام السلاح الكيماوي واعتباره خطا أحمر.

جاء تحدي النظام السوري لأوباما على قاعدة سياسة الانكفاء، وأن الأولوية الأميركية في المنطقة هي للاتفاق مع إيران.

وهذا ما كان، إذ خذل أوباما العالم، خصوصا فرنسا التي صوّت برلمانها الوطني على المشاركة في الضربة للنظام السوري، وهرب أوباما من هذه المواجهة بالتواطؤ مع بريطانيا، إذ رفض مجلس العموم تفويض الحكومة بالضربة، مما سهل القبول الأميركي بالمبادرة الروسية بانتزاع السلاح الكيماوي من سورية بديلا للضربة، وهذا ما كان.

تحرك العالم الأسبوع الماضي بفاعلية، إذ بادرت الدبلوماسية السعودية بالذات، بحشد واحد وستين دولة لتوجيه رسالة إلى مجلس الأمن، وتسليمها إلى المندوب الروسي الذي يرأس المجلس لهذا الشهر، ثم كان اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي مع وزير خارجية تركيا في الرياض الخميس الماضي، بالتزامن مع الإعلان عن اجتماع روسي أميركي في لوزان اليوم السبت، وبحضور دول عربية وإقليمية، في مقدمتها السعودية وتركيا وإيران، وبالتزامن أيضا مع الدعوة إلى اجتماع آخر لأصدقاء الشعب السوري في لندن الأحد، أي في اليوم التالي لاجتماعات لوزان.

اليوم السبت، الخامس عشر من أكتوبر عام 2016 في لوزان، هو يوم سيكون له ما بعده حربا أو سلما، وهذا ليس تمنيا أو افتراضا، بل لأن أميركا أوباما الآن في أسوأ أحوالها وسياساتها، خصوصا بعدما تجرأ عليها أصدقاؤها الإيرانيون والروس، وفي مدينة حلب بالذات، إضافة إلى محاولة اعتداء الحوثيين على البارجة الأميركية.

وأعتقد أن مهزلة كيري لافروف كانت أبشع مراحل الدبلوماسية الأميركية على الإطلاق، وعلى حساب دماء مئات الآلاف من الأطفال السوريين واليمنيين والعراقيين، وعلى حساب الأصدقاء والحلفاء من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، وأن مهمة لافروف تحديدا اليوم هي إنقاذ أوباما وكيري، ومعهما الرئيس بوتين الذي يعرف جيدا أن الحرب مع الميليشيات ليست كالحرب مع الدول، وأن الاقتصادَين الروسي والإيراني أيضا غير قادرين على الدخول في أي نوع من الحروب.

غدا الأحد، السادس عشر من أكتوبر، سيكون في لندن يوم تظهير النتائج النهائية للأزمة السورية، فإما أن تكون بداية النهاية للنزاع في سورية، وبلورة خارطة طريق للخروج من هذا النزاع المدمر والكارثي على الشعب السوري، وإما أن يكون يوم غدٍ هو تحول الأزمة السورية من النزاع إلى الحروب ودخول دول عربية وإقليمية ودولية في حالة حرب كبرى على الأراضي السورية.

وهذا أيضا ليس تمنيا أو افتراضا، بل هذا ما تسبب فيه استهتار إيران وروسيا بالرئيس أوباما وإدارته.

سنشهد كثيرا من المفاجآت في الأيام والأسابيع المتبقية من ولاية أوباما، وأكثرها مأساوية هي أيام ما قبل الانتخابات الأميركية في 8 نوفمبر القادم، والتي ربما تشهد تصاعدا للنزاعات والحروب، خصوصا في موصل العراق، لأن الإدارة الأميركية الحالية تحاول أن تقدم الموصل هدية انتخابية للحزب الديمقراطي، وهذا ما يبدو واضحا من خلال الاستعدادات حول الموصل، والذي أربكها الدخول التركي على هذه العملية، خلافا للمزاج العراقي الإيراني، وربما الأميركي، مما قد يغير في نتائج العملية العسكرية.

هذا ما يجعلنا نتهيّب اليوم ما سينتج عن اجتماعات الرياض ولوزان ولندن. من حلب إلى الموصل إلى صنعاء.

&