معضلة الإصلاح الاقتصادي والمالي (1 ـــ 2)

خالد أحمد الطراح

«إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة.. فإن فساد الرأي أن تترددا.. وإذا كنت ذا عزم.. فأنفذه عاجلاً فإن فساد العزم أن يتقيدا».

هذه الحكمة لا تحتاج تفسيراً، لكن تحتاج من يقتدي بها ويعمل بموجبها، وأول من يفترض ان يحتكم الى هذه الحكمة، الادارة الحكومية، فالمعضلة اليوم تكمن في كثرة الدراسات والقرارات من اجل الاصلاح، لكن المؤلم ان بعدد القرارات والدراسات منذ تحرير الكويت وقبل ذلك لم تتوافر العزيمة والارادة في الاصلاح.

حديث اخوي مع مرجع اقتصادي ومالي دفعني الى البحث بشكل سريع في ملف الاصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت، الذي تجاوز الخيال والاحلام شكلا وموضوعا، وتوصلت الى يقين ان المعضلة في الاساس هي فساد الرأي، وبمعنى ادق فساد سياسي يحول دون تحقيق اهداف وتطلعات اصلاحية لم تحمل بصيصا من الامل!

مركز معلومات القبس كان لي المرجع في التفتيش في تاريخ مسلسل الاصلاح، علاوة على معلومات موثقة من المرجع الاقتصادي الذي منحني الثقة وسرد لي بشفافية رأيا سديدا ساعدني على رواية ربما لم تحك او ربما غمرها النسيان السياسي!

ما يسمى اليوم وثيقة الاصلاح هي في الواقع عرض لمحاور من الممكن ان يكتبها طالب في اي مرحلة تعليمية، لو كلف تقديم بحث متواضع مقابل نجمة، كما يحصل في المرحلة الابتدائية ورياض الاطفال، فالوثيقة التي حملت عنوانا اكبر بكثير من المضمون بسبب ان المضمون ركيك اذا كان لا بد من المجاملة، اما في الواقع فليس هناك مضمون يمكن الرجوع اليه وقراءته، فالوثيقة التي أعلنت عنها وزارة المالية في مجلس الامة وما نشر عنها لا تتعدى سطورا من نقاط غير مترابطة، لكنها حملت عنوانا جاذبا!

لن أسرد تاريخاً مملا عن الاصلاح، ولكن سأقتصر المسافة وأبدأ في سنة 1998 حين رفعت الحكومة الستار عن «وثيقة الاصلاح المالي والاقتصادي» والتي عُرفت آنذاك بـ «الحزمة الاقتصادية» التي تضمنت «اسس ومبادئ الاصلاح وبرنامج الاصلاح والاجراءات التي باشرت الجهات المالية في الدولة باتخاذها ضمن الخطوات الجارية للتنفيذ».

النسخة المعدلة «للحزمة» نشرت في 1998/11/29، وشملت كل قطاعات عدة، بدءاً من «الرسوم على طب الاسنان والعلاج التجميلي والغرف الخاصة في المستشفيات وخدمات المجلس الطبي وزيادة تصاعدية في الكهرباء والماء وتعديل على املاك الدولة والشاليهات وتأمين صحي الزامي للوافدين».

وشملت الحزمة «اعادة تسعير الخدمات والسلع التي توفرها الدولة للمستهلكين، اضافة الى مقترحات على المستوى الاسكاني، بحيث يتم تخفيض سداد القرض الاسكاني من 700 الى 300 شهر مع فائدة سنوية على القرض بنسبة %7.5 يكون مناصفة بين «المالية» والمقترض، علما بان وزارة المالية في ذاك الوقت كانت تتحمل نسبة %2 سنويا على القرض».

تفاصيل المعضلة في الجزء الثاني!

&