علي الشدي

على الرغم من محاولة البعض تكبير حجم السلبيات في مجتمعنا؛ فإن في هذا المجتمع كثيرا من الإيجابيات والمواهب التي لم تجد الاهتمام لإبرازها.. وتقديم الحوافز لها ومن يتابع مسيرة المخترعين الشباب يخشى أن تتمكن المعوقات الكثيرة من إحباطهم.. ولعل أولى هذه العقبات التأخر في تسجيل اختراعاتهم وحصولهم على براءة اختراع؛ ما يجعل بعضهم يلجأ إلى الدول الأخرى للتسجيل، وكذلك الحصول على مستثمر يخرج مخترعه من مجرد نموذج صنعه بيده إلى منتج متداول، وهنا يبرز تقصير الجهات الحكومية ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة التعليم التي يجب أن تسبر أغوار الموهبة والإبداع في شبابنا منذ الصغر، وتقوم بصقلها وتشجيعها والأخذ بأيدي المخترعين في الداخل بالتعاون مع مؤسسة (موهبة) التي لم نعد نسمع لها نشاطا، خاصة في مجال تقديم المخترعين إلى القطاع الخاص لكي يطور مخترعاتهم كجزء من المسؤولية الاجتماعية بدل اتجاههم للخارج، مع حاجة السوق المحلية إلى تلك المخترعات التي تأتي غالبا منسجمة مع حاجة المستهلك السعودي، ويتحمل الإعلام بكل قنواته، والكتاب بشكل أساسي جزءا مهما من التقصير فلم نقرأ يوما مقالا أو حتى تغريدة تشيد بمخترع سعودي رغم كثرتهم بينما نندهش ونمتدح مواهب الآخرين. وتسهم بعض القنوات الفضائية المحسوبة علينا في إبراز سلبيات المجتمع السعودي ممن (فحط أو هايط أو شحن سياراته المذهبة معه أثناء الإجازة الصيفية) تجد تغطية فورية من هذه القنوات، بينما لا يجد المخترع الذي قدم منتجا أدهش كل من شاهده أي اهتمام أو إشادة. وحتى لا نجعل الصورة قاتمة إلى حد كبير نذكر بالتقدير جائزة أطلق عليها اسم (جائزة خادم الحرمين لتكريم المخترعين والموهوبين) وسبقت الموافقة عليها من مجلس الوزراء، وهدفها المساهمة في تطوير البحوث في مجالات العلوم والتقنية في بلادنا وتنمية روح الإبداع والابتكار وتحفيز المواهب والقدرات، وتمنح الجائزة للمبدعين والمبدعات من فئة المخترعين والموهوبين، وقد منحت فعلا لبعض المخترعين والمؤمل أن نسمع عن إشهار هذه الجائزة على نطاق واسع وعقد منتدى لشرح أهدافها وكيفية تقدم المميزين للحصول عليها في كل عام، وسيكون ذلك فرصة للتعريف بهم وباختراعاتهم.

وأخيرا: أي أمة لا تشجع المبدعين والمخترعين فيها مصيرها الشيخوخة المبكرة، التي لا نتمناها لمجتمعنا النابض بالحيوية والشباب ولدينا جميع الإمكانات والمقومات لفتح مجالات التشجيع والإبداع والإنتاج للشباب والشابات لترجمة مخترعاتهم إلى منتجات تخدم بلادنا أولا والمجتمع الإنساني بصورة عامة، ولقد شاهدنا أخيرا كيف وجدت طبيبة سعودية التشجيع العالمي لاختراعها إجراء العمليات دون مشرط جراحة، وكما قال الزميل العزيز الدكتور عبدالواحد الحميد في مقاله أمس السبت في جريدة الجزيرة (إن الجامعات الأمريكية تقدم كل الإغراءات التي يحلم بها الطالب والعالم المتميز) ولذا فإن نزيف العقول المتفوقة يشكل خطرا على بلدان العالم الثالث إن لم تهتم بالنابغين من أبنائها وبناتها المعرضين للإغراء من بلدان أخرى.