الطرب في الأدب

 سمير عطا الله

 أعطيت «نوبل الآداب» منذ عام 1901 إلى نوعين من الكتّاب؛ إما كاتب بالغ الشهرة لا يفاجأ القراء باسمه، مثل همنغواي، وصامويل بيكيت، وتوماس مان، وإما كاتب غير معروف خارج لغته مثل بوريس باسترناك، وميخائيل شولوخوف، ونجيب محفوظ.

وما إن تعطى الجائزة حتى تبدأ ترجمة أعمال صاحبها إلى معظم اللغات، ويُترك للقارئ أن يقيِّم مدى الجدارة والاستحقاق. وعلى سبيل المثال، فازت بجائزة العام الماضي صحافية من روسيا البيضاء، سفيتلانا ألكسيفيتش، لأنها حوَّلت فن المقابلة الصحافية إلى نوع من الرواية والتأريخ.
بعد الفوز بقليل توافرت مؤلفات سفيتلانا، فقرأناها بمتعة وإعجاب، خصوصًا كتابها عن ضحايا الكارثة النووية في تشرنوبيل الأوكرانية، الذي يعتبر تحفة أدبية مثل تلك التحف التي صدرت عن هيروشيما.
هذا العام أعطيت الجائزة إلى المغني الأميركي وشاعر الأغاني بوب ديلان. وقد أحببنا أغاني الرجل ومواقفه الإنسانية في الستينات والسبعينات. وأنا شخصيًا لم أنسَ له ما روته المغنية اليونانية الفرنسية نانا موسكوري في مذكراتها؛ إذ سألته ذات يوم كيف يمكن لها أن ترتقي بغنائها، فقال لها: هناك مطربة العرب، أم كلثوم، حاولي أن تصغي لها ولو لم تفهمي ماذا تقول.
بعد الإعلان عن فوزه هذا العام، عدت إلى قراءة بعض شعره، ربما مع مئات الآلاف غيري. حتى اللحظة، لم أستطع أن أفهم كيف يمكن أن تعطى له الجائزة التي أعطيت من قبل إلى «تي إس إليوت»، ووليام بتلر ييتس، وبابلو نيرودا، وطاغور.
دائمًا كانت هناك شكوك، أو ملاحظات، على قرارات واختيارات اللجنة السويدية للجائزة. أحيانًا كانت تتهم بالانحياز السياسي أيام السوفيات، وأحيانًا بالترضية القاريّة، أو العرقية. لكن دائمًا كنا نرى عند الفائز أو الفائزة، الشيء القليل أو الكثير من الاستحقاق، كما في حالة بوريس باسترناك، وألكسندر سولجنتسين.
أما مع بوب ديلان، فما زالت المحاولات جارية لتبرير ذوق اللجنة وتقييمها للتراث الأدبي. فالمعروف أن الجائزة تعطى على سيرة أدبية كاملة مع التشديد على عمل واحد. وفي حالة ديلان، لا السيرة ولا العمل يستحقان. هل جف العالم الأدبي إلى هذا الحد؟ كان الأفضل أن تُحجب، كما حدث في الأربعينات، إذا لم يكن هناك من يليق بأهم حدث أدبي في العام.