جمرة الإدارة والتخطيط! 

خالد أحمد الطراح

حين يراجع المراقب والمتتبع لتصريحات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة للتخطيط والتنمية، يجد نفسه أمام تفاؤل والتمني بدخول خطة او نصفها حيز التنفيذ، لكن للأسف الواقع مختلف تماماً عن مضامين تصريحات الوزيرة.
هناك من البشر الذين حباهم الله سبحانه نعمة التفاؤل، لكنهم يُهزمون من الاعماق حين يجد الانسان نفسه امام تناقضات مصدرها الادارة الحكومية، وأحيانا تأتي التصريحات حتى المتناقضة منها على لسان وزراء وقياديين في الدولة بينما تصدر في احيان اخرى تصريحات منسوبة الى «مصدر مطلع او رفيع المستوى او موثوق» وهي من المصطلحات الصحافية المتعارف عليها، خصوصا حين يتم الكشف عن معلومات تحمل سبقاً صحافياً، لكن حين ينتقد «مصدر مطلع» جهة حكومية خصوصاً في ما يتعلق بالتخطيط وسياسة التوظيف، فمثل هذه الأمور تحتاج إلى وقفة.
أخيراً، صرح «مصدر مطلع» في الامانة العامة للتخطيط لـ القبس في 2016/9/4 تصريحاً حمل انتقاداً قاسياً على ديوان الخدمة المدنية، واتهامات خطرة بشأن سياسة التوظيف ووصفها بأنها «نمطية وأن ما تقوم به الجهات الحكومية من توظيف للمواطنين اشبه برفع العتب»!
النمطية في التفكير والتخطيط منهج حكومي بالأساس، والبرهان ان الادارة الحكومية لم تبرهن يوماً على إرادتها في قيادة الرأي العام، بل على العكس ترضخ الحكومة للشارع!
أتفق مع «المصدر المطلع» في ما نُشر عن برنامج اعادة الهيكلة، لكنني لا أتفق مع تحميل الخدمة المدنية مسؤولية «رفع العتب» من قبل اجهزة الدولة، لسبب بسيط ينحصر في اختصاص ديوان الخدمة المدنية الذي يوزع مخرجات التعليم وفقاً لما تعلنه أجهزة الدولة عن احتياجاتها.
الخلل في مخرجات التعليم مسؤولية تتحملها وزارة التربية وعدم قدرتها على ربط مخرجات التعليم مع سوق العمل في الحكومة او في القطاع الخاص، علاوة على مسؤولية وزارة التخطيط بالدرجة الأولى عن اي اخفاق تنموي، فالوزارة هي التي تملك كل بيانات مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ولديها جهاز مركزي للإحصاء الذي يُفترض ان تستفيد منه وزارة التخطيط ووزارات الدولة الاخرى تفادياً لأي انحراف في السياسات.
ويتحمل برنامج اعادة الهيكلة المسؤولية على هذا الصعيد، فالبرنامج لم يقدم اي دراسة عن كيفية معالجة تضخم الجهاز الحكومي، وما يستدعي ذلك من اعادة هيكلة، فكما هو واضح ان «البرنامج» بحاجة الى إعادة هيكلة والدمج، او احالة الاختصاص والمهام الى جهات رسمية متمكنة من تحقيق الاهداف المنشودة.
سبق لوزيرة التخطيط الاعلان عن اجراءات محاسبة المقصرين من القياديين، ورفع أسمائهم الى مجلس الوزراء، بينما الأمانة العامة للتخطيط تصرح منتقدة جهازاً حكومياً من دون الشفافية في معالجة سياسة التوظيف، فمثل هذه الأمور من الصعب أن تتحقق حين تعمل كل جهة حكومية اعتماداً على سياسة التنصل من المسؤولية وتوجيه الاتهامات اعلامياً!
ها هو الصيف يطوي آخر أيامه، لكن الوزيرة هند أبخص (اعلم) متى تُشهر سيفها البتَّار؟!