محمود معروف

تواصل التيارات اليسارية المغربية المعارضة انتقاداتها لسير عملية الانتخابات التشريعية التي جرت في المغرب يوم 7 تشرين الاول/ اكتوبر الجاري التي منيت بها بتراجع كبير كشف عن وهن تأثيرها بالأوساط الشعبية المغربية، وسجلت تيارات منها نسبة المقاطعة المرتفعة لعملية الاقتراع واعتبرته مكسباً لموقفها الداعي للمقاطعة.
وكان من تداعيات الانتخابات بالاوساط اليسارية المعارضة والنتيجة التي حصل عليها الازمة التي وجدت داخل فدرالية اليسار الديمقراطي (فاز بمقعدين) المكون من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، بعد تجميد عبد السلام عزوز عضويته بمجلس رئاسة الفدرالية كمنسق وطني وان كان حزبه بقي ضمن المجلس وعقدت هيئتها التنفيذية اجتماعاً مر «في أجواء رفاقية عالية» وعرف «تفاعلاً إيجابياً مع مضمون رسالة الأخ عبد السلام العزيز الموجهة إلى الهيئة التنفيذية».
وأعلنت الفدرالية التي تاسست في آذار/ مارس 2015، في بلاغ لها عن «التشبث بالأخ عبد السلام العزيز في مزاولة مهامه داخل الهيئة التنفيذية للفيدرالية وكمنسق لها»، وأنها متشبثة أيضاً بـ«مشروع الفدرالية كخيار استراتيجي وكمنطلق لتوحيد وتجميع كافة القوى والفعاليات الديمقراطية واليسارية».
وترى أن تلك الفعاليات والقوى تبقى «خياراً ديمقراطياً بديل عن الخيارين المخزني والأصولي»، وانها بصدد تقييم شامل لأدائها؛ «بما في ذلك تدبير المعركة الانتخابية، وما تضمنه ذلك من نقط قوة ونقط ضعف».
وقالت الهيئة التنفيذية للفدرالية انها تعكف على «رسم خطة عمل متكاملة في مختلف الميادين والمجالات؛ حتى تكون الفيدرالية في مستوى المهام الجسيمة المطروحة عليها، وفي مستوى الثقة التي وضعتها فيها شرائح واسعة من الشعب المغربي وبوأتها مراتب متقدمة في أغلب المدن المغربية».
من جهته تجاهل حزب النهج الديمقراطي اليساري الراديكالي المعارض والذي يدعو لمقاطعة الانتخابات والعملية السياسية بالمغرب التشريعيات التي جرت ونتائجها وسجل بيان له صدر عن اول اجتماع لكتابته الوطنية بعد هذه الانتخابات «استمرار تفاقم أزمة المشروع المخزني، على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ وذلك نتيجة وعي المواطنين بحقيقة اللعبة السياسية المغشوشة، وارتفاع المقاطعة الواعية في صفوف المواطنين كتعبير عن السخط الشعبي» وحمّل الإدارة المغربية «مسؤولية سوء تدبير الشأن العام والشطط في السلطة، مع التغاضي عن الفساد المستشري بالإدارات الترابية».
وأضاف الحزب أن «الإدارة المغربية تعبّد الطريق لمفهوم جديد يجعلها في خدمة الرأسمال على حساب الحاجيات الحيوية لغالبية الشعب المغربي، في وقت تغيّب فيه بشكل شبه مطلق الحديث عن المرفق العمومي؛ وعلى رأسه الصحة والتعليم»، منددا بـ«التدابير التي يتضمنها مشروع قانون المالية من تجميد للتوظيف ولكتلة الأجور في القطاع العام».
واتهم حزب النهج الديمقراطي، ضمن بيان نشره موقع هسبريس، الدولة بـ«التوجه نحو المزيد من الاقتراض وتهميش القطاعات الاجتماعية، مقابل التركيز على القطاعات التصديرية في تطبيق تام لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية»، معلناً عن «مساندته لجميع الحركات الاحتجاجية الجارية بمناسبة الدخول المدرسي الحالي من أجل فرض الحق في التعليم العمومي الذي وصل إلى حالة الإفلاس».
وقال إن الدولة تسعى إلى «خدمة مصالح القطاع الخاص والمؤسسات الإمبريالية، باستمرارها في الهجوم على القطاعات العمومية وتصفية ما تبقى من الخدمات العمومية ومكتسبات الشعب المغربي والسير في اتجاه تثبيت العمل بالعقدة في القطاع العام، مما سيساهم في تفاقم الاحتقان الاجتماعي»، داعيا «القوى الديمقراطية المناضلة في مجال الأمازيغية إلى الدفاع عن المكتسبات المحققة».
ورفض حزب النهج الديمقراطي «التفاف الدولة على مكتسبات الحركة الأمازيغية الديمقراطية»، مشيراً إلى «التراجع الكبير الذي تعرفه الحركة النقابية العمالية وضعف قدرتها على التصدي لمجموعة من المخططات الطبقية التي تستهدف الطبقة العاملة وعموم الكادحين»، ودعا كافة الإطارات اليسارية المناضلة الى «بناء جبهة يسارية قوية قادرة على محاربة القطبية الحزبية المصطنعة والى إعادة الاعتبار للهوية اليسارية، والنضال المشترك من أجل المطالب السياسية والاجتماعية للطبقات الشعبية» وإلى «النضال الوحدوي لسائر القوى الحية بالبلاد المناهضة للفساد والاستبداد»، محذراً من «الزج بالمغرب في الأحلاف الإمبريالية والرجعية، مع ضرورة انسحابه من التحالفات العسكرية العدوانية كافة، وعلى رأسها التحالف مع المملكة السعودية وحلف شمال الأطلسي».
من جهتها ادانت جماعة العدل والإحسان اقوى الجماعات الاسلامية في المغرب (شبه محظورة وتدعو لمقاطعة العملية السياسية) «الاستغلال البشع والتوظيف السياسوي للمرأة المغربية ولقضاياها العادلة إبان الحملات الانتخابية، ضمان خزان انتخابي مهم لا أقل ولا أكثر».
وقال القطاع النسائي للجماعة، خلال مجلسه القطري في دورته العاشرة التي رفعت شعار «عملنا النسائي.. بناء متجدد عطاء متواصل وانفتاح متزن»، بالتأكيد على استمرارية غياب الإرادة الحقيقية للفاعل السياسي الرسمي والحزبي لإدماج المرأة في عملية اتخاذ القرار والمشاركة الفعلية في تدبير الشأن العام؛ بالرغم من تزايد خطاب التمكين والمساواة.
وهنأ القطاع النسائي للجماعة «الشعب المغربيّ على تفاعله الإيجابي مع كل دعوات المقاطعة لانتخابات العبث» مسجلات بافتخار تدني نسبة المشاركة في الانتخابات؛ وهو ما يعبر عن ارتفاع منسوب الوعي لدى الشعب المغربي نساءً ورجالاً بجدوى خيار المقاطعة الواعية والمسؤولة.
ودعا المجلس الشعب المغربي بكل مكوناته الغيورة إلى الاستمرار في كل أشكال التدافع السلمي من أجل تغيير حقيقي يجعل من المؤسسات المنتخبة مؤسسات حقيقية وليست صورية ويربط كل مسؤولية مهما كان مستواها بالمساءلة والمحاسبة.