الياس الديري

 صحيح أن التطوّرات الرئاسيَّة المتسارعة فاجأت كثيرين، وخصوصاً بعد الخطوة الجريئة التي أقدم عليها الرئيس سعد الحريري، إلّا أن المثل ينصحنا بأن لا نقول فول قبل أن يصير في المكيول.

والخطوة الثانية التي خطاها السيد حسن نصرالله في خطاب يوم الأحد جعلت البعض يقول: قُضِيَ الأمر الذي به تُسْتَفتيان.
غير أن ذلك كلّه لم يجعل الرئيس نبيه برّي يغيِّر من موقفه قيد أنملة، سوى تأكيده أنه لن يغيب عن جلسة 31 تشرين الجاري، و"لن أُعطِّل النصاب على رغم أنه في جيبي الكبير".
والمستجدّات الأخرى التي شجَّعت المتردِّدين على التسليم، أو ما يشبهها، اختصرتها المنسِّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ بقولها: لا فيتو رئاسيّاً من إيران أو السعوديّة على أيِّ مرشَّح لرئاسة الجمهوريَّة في لبنان... ولا تدخّل من "الطاقة" الإيجابيَّة، وحضِّ المتردِّدين على اللحاق بالركب؟
الكلام كثير في هذا الموضوع. وستبقى جلسة الـ"31" في خانة "أقصى الاهتمام" إلى أن يتمَّ الذي فيه النصيب. والنصائح كثيرة كذلك. ليس مستغرباً أن تتدخَّل باريس بطريقة ما وتشدُّ على أيدي المتردّدين، مع همس بوجوب "اغتنام الفرصة" قبل أن يعود "المجهول" هو الضيف الثقيل.
كما ليس مستبعداً أن تكون واشنطن قد قالت كلمتها، وخصوصاً بعدما أشيع أن الكرملين شدَّ على يد الرئيس سعد الحريري، وحضَّ طهران على تجاوز العقبات "المحنّطة".
ومع أن عدداً لا بأس به من النواب والسياسيّين والمعنيّين بالموضوع الرئاسي يشدّدون على التريُّث في توزيع الهدايا والتهاني ريثما تتولّى مطرقة الرئيس برّي إعلان فوز الرئيس الجديد، فإن المخضرمين لا يتردّدون في تعداد المرشّحين للرئاسة، والذين ناموا رؤساء وأفاقوا ناخبين لرؤساء لم يكونوا لا في الوارد ولا في الحسبان.
سبعة أيّام تفصلنا عن "الموعد التاريخي" قد تحمل الى اللبنانيّين مزيداً من المفاجآت التي لم تكن لتخطر على بال... تماماً، على غرار مفاجأة، أو مغامرة سعد الحريري في اتجاه الجنرال ميشال عون، وموجة الاستغراب والدهشة التي قوبلت بها.
الجو السياسي والشعبي في لبنان، وربما في الجوار القريب والبعيد، بدأ يقتنع أن عون هو الرئيس. والانتخاب سيتمُّ في جلسة الاثنين المقبل. إلّا أن التجارب القديمة والمُستجدّة تنصح بالتروّي...
أما بالنسبة إلى الجنرال المواظب على طلب يدّ الرئاسة وخطب ودَّها، فإنه أصبح على مسافة فرسخ من بعبدا، ومطلوبٌ منه أن يكون هو القدوة التي عجز عنها العديد من الرؤساء.
بل يأمل الناس أن يفاجئهم الجنرال بـ"الجنرال الآخر" المخبّأ خِصِّيصاً لهذه المناسبة.