مطلق بن سعود المطيري

البطانة مصطلح يحمل الكثير من المعاني التي تفيد القدرة على الدراية والمتابعة وتقديم المشورة، فهذه النخبة المنتقاة بعناية شديدة بضاعتها الأساسية الخبرة والضمير، فهاتان الخاصيتان تعملان في التزامن معا فلا غنى لاحداهما عن الأخرى، لذا دائما ما ينظر للبطانة بحساسية مفرطة بسبب قوة تأثيرها في صناعة القرار، بسبب عمق الخبرة ونقاء الضمير، الا ان هذا المصطلح طالته موجة التغيير التي لم تترك شيئا في مناحي الحياة لم توصله..

اليوم بسبب الثورة المعلوماتية في شبكات التواصل الاجتماعي، اصبح أغلب المجتمع يمارس دور البطانة سواء بتقديم المشورة او المعلومة وتمتد مهمته في بعض الأحيان في تحديد نوع العقوبة على المسؤول المخطئ، ومكافأة المتميز، الامر الذي جعل مفهوم البطانة بشكله التقليدي: مجموعة من الافراد محددة أدوارها تتمثل بكونها حلقة الوصل بين صاحب القرار، والمواطن، يكاد يختفي، ففي السابق لا يستطيع صاحب القرار ان يتلمس حاجات الناس الا من خلال هذه الحلقة المعلوماتية المحددة، فإن اصابت خبرتها اصاب القرار وان صدق ضميرها نجح القرار، وهذا الدور المهم لم يقتصر على زمن محدد بل يمتد الى البدايات الاولى للاجتماع البشري، فأينما كان المجتمع كانت الحاجة للبطانة ضرورية، فرأي الناس بالنسبة لصاحب القرار امر مقدس وجوهري، من هنا استمدت البطانة اهميتها وقوتها، فلا قرار الا بوجود الناس، ولا قرار الا بوجد مسؤول يصدره، وبين الحاجة والسلطة تقف البطانة كعامل ترشيد وتنقية للقرار..

نعود لمفهوم تطور مصطلح البطانة وانتقاله من نخبة محددة الى عامة الناس، بسبب امتلاك المجتمع وسائل تعبيره وتواصله مع المسؤول، فالمتابع لما ينشر في شبكات التواصل الاجتماعي يلمس حضور المجتمع كبطانة وكذلك يلمس استجابة المسؤول لنصائحهم وتطلعاتهم، هل هذا تحد جديد يمثله المجتمع امام صاحب القرار؟

ابدا لم يكن تحديا بل رافدا ايجابيا اتاح لصاحب القرار الاطلاع على آراء الناس وحاجاتهم بدون الحاجة لخبرة البطانة التقليدية وضميرها.

في المملكة نجح صاحب القرار والمجتمع معا في الاستفادة من هذا التطور، ولعل هذه الخاصية "دور البطانة في المجتمع" هو ما يجعل المجتمع السعودي الاكثر استخداماً لهذه التقنية التواصلية بشكل ايجابي، وعندما نتكلم عن المجتمع هنا نقصد متخذ القرار وجمهوره، فالمجتمع فعليا اصبح مشاركا في القرار واتضح وعيه ونضجه ومسؤوليته، في استخدام هذا الخاصية، فوجدنا كل من حاول العبث بهذه القناة التواصلية لاهداف تضر بالوطن نفاه المجتمع بـ"بلوك" من قناة تواصله مع المسؤول، فمثل هذا الحرص الظاهر على الوطن، والاحترام المخلص للقيادة يجعلان المسؤول والمواطن اكثر قربا لبعضهما واهتماما بالوطن العزيز.