علي القاسمي

 يُتعب كثيراً الحديث عن وزراء الكسل والإفلاس، التعب ليس في الجهد المبذول نحو استعراض ملفاتهم والتدقيق في سيرتهم الذاتية، وليس أيضاً في تعرية أحاديثهم المليئة بالخيبات المتتالية، وتحليل ما إذا كان التعبير وحده من خانهم، أو هي القدرات الشخصية الحقيقية تلك التي جعلتهم في مأزق حقيقي إزاء بضعة أسئلة وقرارات كان الوقت كافياً لاستيعابها وإعداد الإجابات الذكية المرسخة لعلاقة بين شعب وقيادة، التعب أكبر بكثير وهو أن تظل حبيس أفكارك ورهن مخاوفك وقلقك في أن هناك من ينظر إليك كمواطن بهذه السطحية والنظرة الإقصائية، والاتهام من دون أن تتكئ مفردات هجومه على دراية وخبرة ووعي دقيق بالظروف الحقيقية وتقديم الأهم على المهم.

انشغل السعوديون - بوزرائهم - حد الغبن، وتناول الغرباء نظريات وجمل الوزراء كصيد ثمين فمنها ومن خلالها يمكن العبور لزعزعة الثقة، واستبدال الصمت، وصناعة الفوضى، والجلبة الجادة، وهي أشواك لم نكن ننتظرها من الذين ليسوا معنيين بشيء، فكيف بها تأتي من أسماء فاعلة في القرار الرسمي والتخطيط المستقبلي، والماضين في إنضاج تحول وطني وإنجاح رؤية جديدة.

كل الذين كتبوا - وأنا أحدهم - يدركون أن الكتابة في ظرف كهذا وجع حقيقي واحتراق داخلي صادق لأنها تمس شأناً نابضاً عاماً واستقراراً تعرض لمشاغبة واستفزاز غير موفقين، وحتى الذين صمتوا فهم يحملون داخلهم من الرغبة في الكتابة ما يكفي، لكن ربما أن هناك من أدى رغبتهم بالنيابة أو أنهم وصلوا لمرحلة متقدمة من البرود وتدني الأمل والشعور المتصاعد أن الكتابة لم تعد إلا دكّاناً بائساً لبيع الكلام، وليست إلا ضجيجاً مزعجاً ونزفاً مضراً، وإن كان على الكتّاب والصامتين والمنفعلين والصابرين أن يؤمنوا بأن عدد المتابعين لمساحة الإرباك والناهضين للحلول بسرعة لديهم حساسية من القراءة والكتابة في ظل أن عدد الذين يصنعون الصداع والألم النفسي والإحباط يزداد يوماً بعد يوم.

سُكبت كثير من الأحبار كرد فعل شعبي مشروع على وزراء الخروج على النص وتمرير العبارات على الشعب، لن أستمر في المشي مع تفاصيل الخروج لأنها محفوظة ويستحيل على سعودي أن يرمي بها لسلة النسيان، النسيان مع نصوص كهذه كافر وعصي، فالنسيان لم يخلق لتدليس في هيئة كوابيس، ولكن ماذا يمكن أن ننتظر من وزير أو رقم يسهم في انحراف زاوية رضا الشعب أو يعد جمراً من القلق تحت بند الجهل وخيانة التعبير، طبعاً انتظار توديع التشكيلة سيعيد النظر ولو موقتاً في الطموحات المستقبلية، ومعه سيكون ترشيد تصريحات الوزراء مُلِحَّاً، وإن كنت - من رأي شخصي - أقترح أن نسمع لقاءً مع كل وزير حالي حتى نقترب من مربعات ودوائر التخطيط وليكن أولهم وزير التخطيط، وقد يكونون مستفيدين من درس السعوديين الاستثنائي على يد وزرائهم، ويضمون لأرشيفهم ما يخجل، بقيت عبرة السطر الأخير تلك التي تقول: هل بيننا من مستفيد نحو أن يولد التوتر الشعبي والضحك المر والقصف المراهق بين عشية وضحاها، هذا تحليل يجد رواجاً بين أفراد المجتمع، تحليل مالت به التهم المتراكمة والدراسات المجهولة وربما النفسيات المجهولة، وقد يأتي يوم نرفع فيه أكف الدعاء على أي مستفيد إن صح التحليل الهامشي حتى اللحظة!!.