علي الجحلي

قصة سعدية ثرية، فابنها الذي أحضرته من إريتريا حصل على شهادة البكالوريوس في علم النفس وهو اليوم يعمل في السويد، وابنتها من زوجها السويدي تدرس علم الجريمة في لندن، حصلا على التعليم المجاني بسبب حالة أمهما اللاجئة التي تعيش وتسكن وتعالج على حساب الدولة في بلد يدفع فيه السكان الأصليون تكاليف كل هذا.

عندما تتحدث سعدية تذكرني أننا في العالم الشرقي لا نزال نعاني عقدا كثيرة تجاوزها الغرب وأصبحوا يعتبرونها من المسلمات، لكن هذا لم يكن الحال مع أخت لها واجهها أحد البريطانيين بالبصق – أعزكم الله – وهي تخرج من أحد المساجد لمجرد أنها تلبس الحجاب.

الواضح أن هناك احتقانا لدى الغربيين فيما يخص المسلمين بالذات، ومع مشاهدتي لسعدية ورفيقاتها أجدني أتصور بعض النقاشات التي تدور في الغرف المغلقة من حيث الاعتراض على اللبس والمظهر الإسلامي الذي يمثله هؤلاء، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبرئ أنفسنا من العلاقة مع هذه السلبية التي تشهدها العواصم الغربية. نحن نمثل الدين وإن كان الشكل الخارجي هو ما يوحي بالانتماء فهذا يعني أن كل سلوك مسيء يمارسه أي شخص يتبنى المظهر الإسلامي فهو سيترجم دون شك ويرد للإسلام، وهذا هو الخطر الذي تسبب فيه كثيرون في دول منعت الحجاب أو مارست التضييق على من يلبسونه.

عندما نربط بين ما يحصل عليه المسلمون اللاجئون إلى هذه الدول من مزايا، ومحاولاتهم الإساءة لمن استقبلوهم ومنحوهم التسهيلات والتعليم والصحة والحقوق والرعاية الاجتماعية والأسرية يتأكد لنا أن هناك كثيرين ممن يلبسون نفس الرداء ويسيئون إليه بفعل ما لا يقبله هذا الدين بتاتا.

ذكرني أحد الزملاء بأن ابنه يدرس في إحدى المدارس الأوروبية وأن المعلمات في أكثر من مرة حاولوا أن يسيئوا للحجاب والمظهر الإسلامي من خلال عرض مشاهد مسيئة أو دراما تسخر منه. لعل هذا الأمر يكون حادثا عرضيا، والخوف من أن يكون مقصودا ويرسخ لدى الأطفال رؤى سلبية فيما يتعلق بتاريخهم وقيمهم.

المفيد في هذه الحالة الخطيرة هو أن يتم تعديل سلوك المسلمين هناك من خلال الجهات المؤثرة وإفهامهم أن ما يحدث هو نتيجة لسلوكهم وليس لمؤامرة أو كراهية، وما أسهل أن نفعل ذلك عندما نقارن ما يفعله إخواننا وأخواتنا بممارسات وسلوك ثقافات أخرى كالهنود والصينيين.