السيسي يستخف بعقول المواطنين… والدولة والحكومة غرقتا في أزمة السكر… ومدارس بدون مدرسين

حسام عبد البصير

 عادت الدولة ورئيسها وإعلاميوها الذين يحظون برضا السلطة جميعهم إلى العاصمة بعد أن امضوا ثلاثة أيام في شرم الشيخ أغنى المدن المصرية التي لازالت تسعى للخلاص من رائحة الديكتاتور المستبد مبارك. 
حلم جميل استغرق ثلاث ليال، تحدث فيه الجميع معبرين عن حبهم الشديد للرئيس الذي تصدرت صوره كافة الصحف المصرية الصادرة أمس الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول، التي حرصت على عمل ملاحق للمؤتمر الذي كان الحديث فيه عن دولة افتراضية لازالت تتشكل في رحم الغيب، شأن معظم وعود السيسي التي قطعها على نفسه قبل أن يصل للمقعد الرئاسي.
غير أن المشاكل المتزايدة وبحث الأغلبية عن ملعقة سكر والعملة الوطنية التي لاقت حتفها، هذه المواضيع باتت تفرض نفسها حتى في تلك الصحف التي تهطل الثناء على النظام على مدار الساعة، حيث أن صراخ الأغلبية من شظف الحياة والمعيشة التي أصبحت بمرارة العلقم لا يمكن إخماد صداها للأبد. وبينما كانت روح التفاؤل تسيطر على أغلب العائدين من شرم الشيخ خيمت لغة التشاؤم على معظم المعارضين للسلطة في جرائد الأمس، التي حفلت بالعديد من المعارك الصحافية التي يندد اصحابها بلغة التعالي التي تتعامل بها الحكومة مع الأزمات الكبرى، التي عجزت عن التصدي لأي منها، خاصة في مجال توفير السلع الغذائية الإستراتيجية والسيطرة على وحش الغلاء الذي يلتهم كافة وعود السلطة بغد أفضل وإلى التفاصيل:

بلا طعام

سخر سياسيون من تصريح السيسي: «والله العظيم قعدت 10 سنين ثلاجتي لا يوجد فيها سوى المياه فقط، ومحدش سمع صوتي»، معتبرين أن كلامه «يمثل استخفافًا بعقل الشعب المصري». وقال أمين إسكندر، القيادي في حزب «الكرامة» لـ«المصريون»: «إن حديث الرئيس السيسي عن عدم وجود شيء في ثلاجته سوى الماء لـ10 سنوات كلام كذب فارغ واستخفاف بالشعب». وأضاف «لم ولن نرى رئيس دولة بهذا الشكل لدرجة أننا لم نعد نعلم ماذا نقول له، فقد أصبح الوضع أدنى من التعليق وسيشهد التاريخ أن مصر لن ولم تمر عليها عقلية بهذا الوضع الفارغ»، حسب تعبيره. ورأى القيادي في حزب «الكرامة»، أن الغرض من تصريح السيسي في هذا التوقيت «أنه يريد أن يقول للشعب لا تشتكوا فالأيام المقبلة أصعب وأسوأ». وتابع: «كيف نصدق هذا الكلام وهو في ذلك التوقيت كان برتبة مقدم في الجيش وكل نفقاته على حساب الجيش من مأكل وملبس ومشرب». ورأى الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن «كلام الرئيس السيسي عن عدم وجود شيء في ثلاجته لمدة 10سنوات سوى الماء يعد إلا استخفافًا بعقول المواطنين وحديثًا لا يليق برئيس جمهورية». وأوضح لـ«المصريون»، أن «حديث الرئيس يناقض نفسه، فهو تكلم عن أنه قادم من عائلة غنية»، متسائلاً: «كيف تكون عائلته مرفهة وتكون ثلاجته خلال عشر سنين لا يوجد فيها إلا زجاجات المياه». مشددًا على أن «هذا الكلام لا يعقل، خاصة أن العاملين في القوات المسلحة تكون حالتهم المادية جيدة». وأشار إلى أن «الرئيس يريد توجيه رسالة للمواطنين بأنه ظل طوال عشر سنين لا يوجد في ثلاجته إلا المياه، حتى لا يشتكوا من الأوضاع الاقتصادية والأزمات الحالية».

لم يخسروا الكثير

مؤخرا قال السيسي إنه عرض على الإخوان بعد 3 يوليو/تموز 2012 أن يتعاونوا معه لكنهم رفضوا، وبدوره لا يقبل جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» بما يراه البعض خسارة كبيرة تعرضت لها الجماعة بسبب رفض عرض السيسي: «لا أتفق مع الرئيس في فرضية أن الإخوان أضاعوا الفرصة في المشاركة بعد إسقاط مرسي، خاصة بعد هذا «المشوار» الذي سارت فيه البلاد منذ 3 يوليو وحتى الآن، فما جرى لغير الإخوان من شركاء الثورة، بل من شركاء 3 يوليو أنفسهم لا يعطي انطباعا بأن من لم يشارك خسر كثيرا، ويكفي النظر إلى مئات من شباب الثورة وحتى من الشباب الذين خرجوا ليطيحوا بالإخوان في 3 يوليو ويمهدوا الطريق أمام السيسي، وأغلبهم الآن في السجون وبعضهم ينكل به في زنازين انفرادية ويتم التعنت في نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، وحتى من شاركوا السيسي في 3 يوليو/تموز من غير الشباب، تم التنكيل بهم، وابحث عن الدكتور محمد البرادعي الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية بعدها وأحد أهم حضور بيان 3 يوليو ومشهده، وابحث عن عصام حجي مستشار الرئيس والإعلامي باسم يوسف والناشط الذي طالما دافع عن السيسي وهاجم الإخوان وكان من قادة مظاهرات 30 يونيو/حزيران، الدكتور حازم عبد العظيم، ومئات آخرين من سياسيين وإعلاميين، اختفوا من المشهد ومن لم يسجن منهم حتى الآن تم إقصاؤه تماما، وبعضهم «هرب» إلى الخارج بعد موجة تشهير وتحريض خطيرة، رغم أنهم جميعا ضد الإخوان، كانوا وما زالوا فهل هذا المصير يمكن أن نقول معه أن الإخوان أو غير الإخوان خسروا بعدم المشاركة».

إعلام منزوع الدسم

كل طرف في مصر يريد الإعلام على «كيفه» حقيقه يعترف بها عماد الدين أديب في «الوطن»: «الدولة تريده موالياً حتى الموت لا يرى في قرارات السلطة التنفيذية إلا الصواب المطلق والإجادة الكاملة. المعارضة لا ترى في الحياة إلا أن كل ما تتخذه سلطات الدولة هو خطأ مطلق يجانب الصواب ويستحق التغيير. جماعات الثوار والإخوان يرددون أن الدولة باعت الثورة، وأهدرت الدين، واغتالت الشرعية، ولا بديل إلا إسقاط الدولة والنظام والحكومة. إذن نحن أمام من يريد الإعلام منافقاً رغم الأخطاء، ومن يريده معارضاً رغم الإيجابيات، ومن يريده ناشطاً من أجل إسقاط النظام. ووظيفة الإعلام المحترف المحترم في العالم المتقدم ليست النفاق، أو الانتقاد الدائم، أو التحريض على إسقاط شخص أو نظام الإعلام المحترم هو الذي يتعامل مع الموضوع وليس الشخص، وهو ليس لديه انحيازات مسبقة بالحب أو الكراهية. الإعلام مثل الطبيب المحايد الذي يقرأ صورة أشعة المريض ويقدم القراءة العلمية، بصرف النظر عما فيها، سواء كانت تحتوى على أخبار سعيدة أو تعيسة للمريض. الإعلامى مثل الجراح لا يحب أو يكره من سيجري عليه الجراحة، إنه يتعامل باحتراف المهنة وآدابها وقواعدها. ويتساءل عماد أديب هل الإعلام بكل أخطائه هو المسؤول الوحيد عن كل أخطاء الكون من البطالة حتى ثقب الأوزون؟».

قناع مبارك

ومن معارك أمس الجمعة الصحافية تلك التي شنها علي القماش في «الشعب» ضد الإعلامي إبراهيم عيسى: «كان فريق الثلاثي زكريا عزمي وكمال الشاذلي وصفوت الشريف يقومون بلعبة «عرائس المايونيز» أو العرائس المتحركة، كان زكريا يقول لإبراهيم عيسى هاجم جمال مبارك ليقوم بدور امتصاص الغضب الشعبي، ثم يصدر صفوت أوامره لـ«الجلاد» بأن يكتب مقالا عن عبقرية الوريث، وهكذا.. ولذا فإنه لم يكن غريبًا أن يقوم بإنقاذ مبارك من السجن، رغم أنه حتى لو بفرض صدق شهادته فقد كان في مسجد في الجيزة بينما الآلاف المتواجدين في التحرير من أول لحظة «بؤرة الصراع « لم يستدع أحدهم للشهادة، بينما أشاد به فريد الديب محامي مبارك ومحامى الجواسيس. وبالأمس عندما أنبرى عيسى للدفاع عن عدم حبس الصحافيين ومراجعة حبس الشباب والناشطين قلنا «اللهم أجعله خيرا»، وبعد أقل من 24 ساعة كان خطاب رسمي من سيد أبو زيد المستشار القانوني لنقابة الصحافيين موجها للنائب العام بشأن الأنباء عن القبض على 63 شخصا من بينهم 8 صحافيين بتهمة إشاعة أخبار كاذبة. إن كثيرين يشعرون تمامًا أن ما يقوم به إبراهيم عيسى هو تكليف، والفارق بينه وبين غيره ممن يتم انتقادهم أنه غير مكشوف بصورة كافية».

لن نركع للسعودية

الحديث عن مؤامرة تتعرض لها مصر لا ينتهي وها هي سامية أبو النصر في «الأهرام» تضع النقاط على الحروف: «أمريكا طلبت إنشاء قواعد عسكرية ردا على نشر روسيا 300 صاروخ في قاعدة عسكرية روسية داخل سوريا فرفضت مصر فكان أن تداعت علينا كل الأمم وبدأت عمليه التجويع والتركيع لمصر. من المؤكد أن الرئيس واثق من نفسه ومن موقفه الدولي والسياسي، وأن الرجل أخذ قرار التنمية وعدم التفريط في شبر واحد من أرضه أو السماح لنفسه بالمساعدة في تقسيم وطن أو إسقاط جيش عربي أو حتى الدخول في حرب. لذا حاولوا بكل الطرق خلق أزمات اقتصادية متكررة والتلويح بسلاح وقف البترول السعودي والنقد الأجنبي.. ولكن للأسف مع وجود شعب لا يكف عن الشكوى والنقد وإعلام المرضى النفسيين الذي تموله شخصيات غير معروفة، بل دول لا تريد الخير لمصر. لذا يجب أن يعي الجميع أننا نخوض أكبر وأطول حرب في تاريخ الأمة، نحن نخوض حربا من أجل البقاء، وأن الأيام المقبلة قد تكون أصعب مما نتخيل. يجب أن نعي حقيقة الموقف وحقيقة إثارة البسطاء ضد الدولة المصرية وضد أعمدتها الرئيسية ولنعي التحديات والتهديات التي تواجه الدولة المصرية، ولنعلم أنه على بعد خطوات قليلة منا شعوب ركعت ودول اختفت من على وجه الأرض، وأخرى تقسمت وغيرها تشرذمت وأخرى تنتظر. فهل سنكون من المنتظرين أم سنقف مع دولتنا المصرية وندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة؟ وهل عرفنا الآن لماذا يكرهنا الآخرون؟»

كان حلم وراح

«تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة، إضافة إلى الكلام الذي سمعناه في مؤتمر الشباب في شرم الشيخ، يُذكّر عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» بذلك المواطن الذي استُقبل في قسم الشرطة، من أول وهلة، بالضرب المبرح على قفاه، فصاح قائلاً: «هو مافيش شتيمة خالص، كله ضرب كده؟»، ذلك أن رئيس الوزراء جابها من الآخر، ما فيش تفاؤل خالص: لن نستطيع السيطرة على الأسعار مستقبلاً، نعم كل السلع سوف ترتفع أسعارها، هناك أزمات أخرى في الطريق بخلاف السكر والأرز، أما العالية جداً فهي: استراتيجيتنا تعتمد على شقين، الأول منهما صبر المواطن، لكن الثانية بصراحة «لن أستطيع تكرارها»، لأنها عالية جداً جداً جداً. أما في مؤتمر شرم الشيخ: فلم تكن الرؤية بعيدة عن كلام رئيس الحكومة: لازم تتعلموا أجيب منين وبكام، إن حبيت نفسك إنس بلدك، الحلم مش كلام، إنس نفسك وحب بلدك، إحنا بادئين من تحت أوي في جميع المجالات الكلام واضح، ومن الآخر أيضاً، لم يعد هناك لف ودوران، لم تعد هناك وعود من أي نوع، أعتقد أن المصارحة هي الإنجاز الحقيقي بعد عامين من الوعود، التي كانت تحمل الكثير من التفاؤل، فيما بدا أنها لم تكن تستند إلى أسس أو خطط واضحة «هانبقى قد الدنيا، كلها سنة وشبكة الطرق هاتبقى كده، كلها سنتين ومصر هاتكون كده، عندنا حلول لكل حاجة، إحنا عارفين كل حاجة، إحنا بنفهم في كل حاجة» مما جعل المواطن يبني الكثير من الآمال، ويعيش الكثير من الأحلام، إلى أن استفاق على هذه اللغة الجديدة في الطرح، والاعتراف بخطورة الموقف، فكان ما كان من تراجع استطلاعات الرأي حول كل الأشخاص بدون استثناء، وكل الأحداث بدون تفرقة».

متى سيغادر

ونتحول نحو الهجوم على رئيس الوزراء ويتولى المهمة سامح عيد في «التحرير»: «عندما سألته الإعلامية لميس الحديدي ما فكرتش تقدم استقالة؟ قال لا أتخلى عن مسؤولياتي، وقالت له متي تقدم استقالتك؟ قال لما يتقالي شكرًا. هي دي المشكلة الحقيقية، لم يعرف هو جه ليه ولا حيعرف هو مشى ليه، جه لما اتقاله اتفضل تعال إحلف اليمين، ومؤهلاته الوحيدة إنه بيعرف يبصم، ومابيتلامضش كتير ولا قليل بصراحة، الراجل كافي خيره شره طول عمره، وعشان يجلس مع لميس الحديدي، قعد يحفظ مع مستشاره السياسي الإسكريبت يييجي أسبوع، ومؤكد الأسئلة كانت مجهزة ومعدة ومتراجعة كويس، ورغم ذلك الموضوع ماضبطش، ودخل على المونتاج، ولأن الموضوع مكلكع، مش عارفين يقصوا إيه ولا إيه، اضطروا يأجلوا العرض ليوم آخر، ومش بعيد يكون قاعد في استوديو دلوقتي بيعيد مقاطع، وأكشن، وإعادة لعاشر مرة، والمخرج والمستشار السياسي حيشدوا في شعرهم، وهو بيشر عرق، الله يمسيك بالخير يا حمدين يا صباحي، يجلس بالثلاث ساعات على الهواء، لا يهتز له جفن، ولا يعرف أسئلة، ولكنه مخضرم سياسيا، هذا هو الفارق، ليس صباحي وحده، لكن هناك السناوي، الشوبكي، وحيد عبد المجيد، وآخرين كثرا يعرفون كيف يتحدثون، ويعرفون كيف يناورون إذا لزم الأمر، وإذا كان الحديث متعلقا بالشؤون الخارجية، وبدول جارة وصديقة المشكلة أن شريف إسماعيل وأنا مشفق عليه، جاي يشتغل شغلانة مش شغلته، هو كان مهندس بترول ناجح، بس سياسي ورئيس وزراء هذا محل شك، ويجلس مع الإعلام ومع مذيعة مخضرمة ومرعبة زي لميس الحديدي، أكيد كانت ركبه بتخبط في بعضها».

سقطوا سهواً

ومؤتمر الشباب يرى مصطفى النجار في «الشروق»: «كان هذا المؤتمر فرصة ذهبية لو تم الإعلان عن مبادرة للوفاق العام تتضمن بنودا حقيقية تُصلح الخرق والشقاق الحالي بين السلطة والشباب الذين لا يؤيدونها، لكن لم يحدث ذلك، بل تولد إحساس عكسي بدلا من الفرح بالمؤتمر ليتحول لسبب جديد لزيادة السخط والانعزال. نحن لا نتحدث عن ناشطين سياسيين ولا نتحدث عن رموز معارضين، بل عن ملايين من الشباب يفتك بهم اليأس والإحباط ولا يجدون أنفسهم قادرين على البقاء في مصر حتى صارت أعظم أمنياتهم هي الهجرة التي يسلكون دروبها الشرعية وغير الشرعية بحثا عن أمل اختنق بين ضلوعهم وحلم تمزق مع معاناتهم. يمكن أن تعتبر السلطة هذا المؤتمر هو مؤتمر الشباب المؤيدين، فهل تفكر في عقد مؤتمر مشابه للشباب المعارضين؟ وهل تقبل أن تسمع منهم؟ أم أن آذانها لا تحب هذه الأصوات؟ مصر تمر بمرحلة صعبة لن يمكن تجاوزها إذا استمرت فلسفة الصوت الواحد والرأي الواحد ورفض الاختلاف. التعلل بمحاربة الإرهاب لتمرير كل شيء لم يعد ممكنا، حتى محاربة الإرهاب تحتاج مجتمعا متماسكا بلا استقطاب ولا إقصاء وتصنيف للناس طبقا لأفكارهم. الذين لم يقابلوا الرئيس كثيرون لا يعرفهم الرئيس ولا يذكرهم إعلام السلطة الحكومي والخاص، هؤلاء هم الذين يعانون ويكدون من أجل التشبث بالحياة، لا يجيدون التطبيل ولا التزلف والإطراء، لكنهم يحبون هذا الوطن ويحلمون به قويا عزيزا كريما ولا يبخلون بشيء من أجل العمل لرفعته. لا نتمنى أن يتحول هذا المؤتمر إلى تنظيم طليعي جديد ولا حتى لجمعية تشبه جمعية حورس أو جيل المستقبل، فقد فشلت هذه التجارب التي أنتجتها السلطة ولم تكن ظهيرا يمكن الاعتماد عليه، لأن تجمعات المصالح والمشتاقين سرعان ما تنهار مع تقلب الرياح واشتداد الأمواج».

مؤتمر للناجحين

يطرح «مؤتمر الشباب» في شرم الشيخ إشكالية مهمة تتلخص في السؤال الأبرز، الذي يطرحه في «الوطن» أحمد الخطيب: «من هم الشباب الذين يجب أن تهتم بهم الدولة، وتعمل لأجلهم ليحيوا حياة طيبة؟ شباب «الفيسبوك» والسوشيال ميديا الذي لا يفعل شيئاً في حياته سوى نقد وتجريح كل شيء بالوقوع في فخ المعلومات والأخبار المكذوبة حيناً، وبالنقد اللاذع بصفاقة وتجاوز أخلاقي أحياناً، من دون أن يقدم أي شيء لنفسه ولأسرته التي تحتضنه بين جنباتها، لا سيما أنه عند التأمل في حال هؤلاء تجدهم قد فشلوا في أن يكونوا رقماً في حياتهم الدراسية أو أي عمل التحقوا به، فآثروا الهروب إلى الحيلة النفسية الأشهر لمداراة الفشل والإخفاق، وهي اتهام الجميع بالفشل لأنه الحل السهل في التعبير عن دواخلهم المعتلة.. أم الشباب الذي يحاول جاهداً أن يجد لنفسه موضع قدم على طريق بناء نفسه بالعمل والبحث عن رفعة شأنه ليجد نفسه مع الأيام وقد تقدم وتطور واستطاع أن يحقق ذاته أو جزءاً منها بالكد والعرق، مصطحباً أمامه وخلفه وجواره توفيق الله وطلب عونه؟ هناك نوع ثالث من الشباب تخلقه الحالة الأولى لكونه الأكثر تطوراً للحالة الأولى من شباب «السوشيال ميديا»، وهو الوقوع في براثن التطرّف ثم الإرهاب، وهذه إشكالية أخرى كنت أتمنى أن ينتبه إليها المؤتمر ويهتم بها اهتماماً يليق بخطورتها وليس اهتماماً عابراً لم يقف عنده أحد، لأنها الحالة الأكثر كراهية وعدائية للدولة والمجتمع والحياة بكافة مناحيها. كنت أتمنى أن يخرج المؤتمر الحالي، الجيد في فكرته والموفق في إدارته والسيئ في تنظيمه، بالإعلان عن انبثاق مؤتمر منه يعقد خصيصاً لمناقشة ظاهرة انتشار التطرّف ثم الإرهاب بين الشباب، لا سيما أنني أحد الذين يدركون خطورة هذه النوعية من الشباب التي ازدادت أعدادها في مصر أضعافاً مضاعفة عما كان في الماضى نتيجة تلبيس الجماعات الإسلامية المصرية والدولية صراعها السياسي الأخير والواضح مع الرئيس عبدالفتاح السيسي ومؤسسات الدولة على الإدارة والحكم باعتباره صراعاً على الدين والإسلام والعقيدة، وبين الحق الذي يزعمون تمثيله والدفاع عنه، والباطل الذي تمثله الدولة حسبما يَرَوْن. في ظني أن الدولة في مؤتمر شرم الشيخ قد حددت بوصلتها بالذهاب إلى حيث الشباب الذي يحاول بناء نفسه بالعمل والجد عن طريق الاستماع إليه ومحاولة تذليل العقبات أمامه قدر الإمكان، فيما تتمنى أن يراوح الشباب الأول مقاعدهم أمام الفيسبوك للحاق بركب حب الحياة والنظر إلى البلاد بصورة أكثر ضياء عبر الإيمان بأن البلاد تعيش تحدياً هو الأكبر من نوعه في العصر الحديث، وهو مصارعة الفوضى والوقوع في براثن الدول الفاشلة المنهارة التي تنتشر حولنا. المحاولة الأولى للدولة في مؤتمر شرم الشيخ جيدة وفريدة يمكن البناء عليها، وألا تكون مثل أفكار أخرى تحمست لها الدولة في البداية مثل المؤتمر الاقتصادي ثم تفتر رويداً رويداً حتى تبقى ذكرى لطيفة، كما أنني أدعو إلى تنظيم مؤتمر خصيصاً لمناقشة ظاهرة زيادة التطرّف ثم الإرهاب لدى الشباب باعتباره ثاني أكبر خطر يواجه الدولة بعد خطر البطالة وفقدان الأمل ونشر الإحباط».

الشارع يفتقد رئيسه

وننتقل إلى النقد الموجه للسيسي وهذه المرة على يد خالد محمود في التحرير: «لست بصدد أن أزايد على الرجل الذي أورثناه العرش عن طيب خاطر وباقتناع. يغرقونه في المشكلات تلو الأخرى، فلا يفعل شيئا سوى التململ. ما الذي يحدث لعبد الفتاح السيسي لا الرئيس؟ ماذا اعتراه؟ وأين حسْمه الناجز وأفعاله على الأرض؟ تلك أسئلة بحجم الألم، لكنها ليست أخطر مما نعاينه بملء البصر، مشدوهين لا نكاد نصدق. في أزمة السكر غرقت الدولة والحكومة تماما، كما يحدث في أزمات أخرى مفتعلة أو متعمدة. لكن الرئيس لا الريس الذي يعمل ساعات طويلة ولا يزال يجتهد لم يدرك بعد أن الأزمة ليست إلا في طريقة عمله والمحيطين به. دعنا هنا لا نعول كثيرا على دراسات وبحوث الرأي العام واتجاهاته، فمعظمها يفتقد الدقة والمصداقية وأغلبها مسيّس. بيد أن المؤشرات تقول أن الشارع يفتقد رئيسه وبشدة. حين احتد وأرغد وأزبد. صرخ بأدب «يافندم من فضلكم» جملة كررها ثلاث مرات وهو يقول «عايزين المحاكمة والقوانين العاجلة الناجزة» قبل أن يستطرد «مش هاينفع إننا نعمل ونكمل كده، المحاكم في الظروف دي مش هاتنفع ولا القوانين، هذا يصلح لناس عاديين فقط». يومها قال السيسي وقد تحلق القضاة حوله وقوفا «النائب العام بالنسبة لي صوت مصر». وفى تشييع جنازة صوتنا الراحل المستشار هشام بركات قال «يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، ولن ننتظر هذا وسنعدل القوانين التي تجعلنا ننفذ العدالة والقانون في أسرع وقت ممكن».

قانون العقوبات المعطل

ومن معارك الجمعة تلك التي شنها جرجس فكري ضد إبراهيم الجارحي الذي بات من المقربين من السيسي وكان قد اشتهر عنه السخرية من الرئيس المعزول محمد مرسي: «أمام اختيارات الانحياز عرف إبراهيم الجارحي طريقه، وجلس الفتى بين صحافيين حتى لو انحاز بعضهم للسلطة، لكنهم ذاقوا مرارة الصحافة وفقرها وعذابها، فسعوا للتوازن وكانوا رحماء بالمهنة، لكن الفتى نسي الرحمة وصرخ جارحا مهنته وأبناءها لينادي بتطبيق قانون العقوبات المعطل، وفاجأه أستاذه أن القانون ليس معطلا كما يظن ومازال فعالا وضحاياه صحافيون في السجون، لكن المؤكد أن إبراهيم الجارحي لم يقرأ قانون العقوبات لسبب بسيط للغاية، فلو اطلع عليه لأدرك أنه سيكون أول من كان يسجنه القانون ويعاقبه. أدعو الجارحي إلى أن يقرأ قانون العقوبات جيدا قبل تعديل المادة 179 الخاصة بتهمة إهانة الرئيس في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، وسيدرك أنه بتفعيل القانون المعطل من وجهة نظره سيعاقب على كافة الإهانات التي وجهها لرئيس الجمهورية وقتها بالحبس مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد على ثلاث سنوات. هل كانت منحة من مرسي أن يتركك حرا تسبه وتقذفه؟ لا لم تكن منحة أبدا لكن وقتها كان هناك إجماع صحافي ضد عقوبة الحبس بتهمة إهانة الرئيس، فكانت الصحافة تعوق السلطة ولا تشجعها على حبس صحافي، لكن لو كان هناك من مثلك نادى وقتها بتفعيل القانون المعطل وشجع الرئيس على حبس صحافي وهذا أمر من الناحية القانونية حق للرئيس فكان مصيرك الحبس إذن… هذا هو القانون يا جارحي فلماذا تذكرته الآن؟».

لا للمعارضين

وممن اهتموا بمؤتمر الشباب نادر بكار في «الشروق»: «الحوار في حد ذاته أمر جيد، وأنا واثق من أن عددا كبيرا ممن يحيطون بالسلطة الحاكمة لم يستوعبوا ذلك بعد ومازالوا يضيقون ذرعا ًبأي حديث تُشتم فيه رائحة الانتقاد ولو من بعيد.. لكن الجديد هذه المرة أن الحوار فرض نفسه وانضمت إليه أطياف غُيبت قسرا ًواتُهمت في وطنيتها وشرعيتها، بل وحُرضّ على التنكيل بها علانية. هؤلاء تحدثوا أمام رأس السلطة وعبروا عما سطرته من قبل أقلامهم ونطقت به ألسنتهم بدون مجيب. لا يعني ذلك وحده أن شيئا مما ذكروه أو دعوا إليه سينفذ بالشكل أو في التوقيت الذي أرادوا. لكنه يعني على الأقل أن تحولا في طريقة إدارة الأزمة آخذ ٌفي التكون، وهذا في حد ذاته ومهما قلل أنصار معسكر (العداء المطلق) من أهميته أو وصفوه بالمناورة أو شبهوه بحوارات أنظمة ماضية، أقول إنه في حد ذاته أمر ٌإيجابي. ومن المفارقات أن كثيرا من الوجوه الإعلامية القبيحة لم تظهر صورتها لا في دور البطولة ولا حتى في الأدوار المساندة وهي التي استمدت من سكوت النظام على انتهاكاتها طويلا نوعا من الحصانة استطالت بها ليس فقط على معارضيها أو منافسيها، بل حتى على زملائها من داخل الوسط نفسه… وصار رئيس التحرير فلان والمذيع علان يتبجحون علنا بعلاقات (أجهزة) الدولة بهم بعد أن كان الأمر متروكا لتكهنات الناس وتخميناتهم. هؤلاء لم يكتف رأس النظام بإهمال دعوتهم، بل انتقل إلى خانة منتقديهم وإن غلف انتقاده بالإشارة إلى انتفاء سوء نيتهم. والحق أن إضرارهم بالوطن لم يعد محل نقاش، إنما الجديد هو ما استشعره النظام الحاكم من أنهم قد أصبحوا عبئا فعليا على عاتقه».

مستحيل

«أسمع كلامك أصدقك، أشوف بهرجتك أستعجب، بهذا المثل الشعبي الذي يردده الكثيرون في مختلف المناسبات والمواقف الغريبة شن محمد صلاح العزب في «اليوم السابع» هجوماً شديداً ضد مسؤولين حكوميين، الأول الأستاذ الفاضل أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث قال مؤخراً، إن المواطن يقدر يعيش بـ322 جنيها شهريا، وأكد أنه «مش هيموت» بالمبلغ ده، ولو بعزقنا شوية ورفعنا المبلغ لـ482 جنيها هيكفى المسكن واللبس والمواصلات، جميل جدا والله حضرتك، إحنا أول كل شهر هنجيلك ونديلك المرتب، وأنت قسمه بمعرفتك واصرف ع البيوت بقى. جرائم التربية والتعليم مستمرة، وبعد الهجوم على رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ينتقل الكاتب للهجوم على أبرز مسؤول في مجال التعليم مؤكداً أن وزير تربية وتعليم لا يكتب جملة واحدة مستقيمة إملائيا، ووزارته تسير من فشل إلى فشل، بداية من تسريب الامتحانات، وصولا إلى عام دراسي لا توجد فيه مدرسة ليست فيها 100 مشكلة، ومدرسون يعذبون الطلبة ويدوسونهم بأقدامهم، وطلاب يجلسون على الأرض ومدارس تغلق لعدم وجود مدرسين، وكوسة عامة، ومافيا دروس خصوصية، كل هذا ومازال في وزارته، وتريدون أن تتقدم البلد، يا أخى مستحيل والله».

رفقاً بالفقراء

«يترقب المجتمع المصري بقلق شديد تعويم الجنيه، فمع كل قرار اقتصادي مثل هذا كما يشير خالد عصفور في «اليوم السابع» تزداد موجة الغلاء المعيشية وتظهر الحكومة وتعلن أن الفقراء لن يتأثروا كثيرا بها لأنها تعمل على حماية هذه الطبقة من ارتفاع الأسعار. هذا الاتجاه الذي يدمج البعد الاجتماعي مع القرار الاقتصادي أصبح فكرا مستقرا لكل الحكومات المصرية التي جاءت بعد 25 يناير/ كانون الثاني، والذي أصبح مستقرا في سياسات الحكومة أيضا هو عدم تبني أي طبقات أعلى من الفقيرة. فماذا عن الطبقة المتوسطة التي تمثل 36٪ من إجمالي المصريين؟ كيف لا يلتفت القائمون على البلد للطبقة المتوسطة وهي أكثر الطبقات تضررا من تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار؟ الأسرة التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة قليلة الادخار كثيرة الإنفاق في اتجاهات كثيرة لأنها تتطلع بشغف لتحسين صورتها المعيشية، ونتيجة لذلك فهى دائمًا في شد وجذب مع مواردها المحدودة لتغطية مصاريف حياتها المتنامية، فتنجح تارة وتخفق تارة أخرى.
إذا ارتفعت الأسعار نتيجة تعويم الجنيه بشكل ملحوظ تخفق الأسرة كثيرا في إيجاد توازن بين ما تكسبه من عملها المهني وما تصرفه. ينتج عن ذلك الإحساس بخيبة الأمل واليأس لأنها ذاقت طعم الحياة المستورة، التي بها القليل من الاستمتاع والآن سلبت منها. ماذا نتوقع من هذه الأسرة التي بدأت تدخل حزام الفقر شيئًا فشيئًا. فإذا كنت تريد منها دفع عجلة الإنتاج بحماس فلن يحدث وإذا كنت تريدها أن تثري المناخ السياسي والثقافي فلن يحدث. وإذا كنت تتمناها أن تلهم الأسر الفقيرة فلن يحدث. لا أدري كيف تنهض الدول في ظل هذا المناخ؟».