أمين حمادة 

يجتمع أخيراً ثالوث من القوة في سلافة معمار، فتضيف إلى سمة «القديرة الجميلة» لقب «الفنانة الحديدية». القوة في طبيعة الشخصيات التي تجسدها، والقدرة في تجسيد الشخصيات التي تختارها، ينضم إليهما في الموسم الأخير بأسٌ خلف الكواليس لا يقل أهمية عمّا حاكته في مسيرتها أمام العدسة، في مؤشر جليّ إلى مدى احترامها وشغفها بمهنتها. في الموسم الأخير، لم يمنعها مرض مفاجئ أصابها من الابتعاد عن التصوير، على رغم طلب الأطباء منها الراحة لما لا يقل عن ثلاثين يوماً. حتى وفاة والدها لم تجبرها على تأجيل تصوير مشاهدها في بطولة مسلسل «خاتون» (تأليف طلال مارديني وسيف رضا حامد، وإخراج تامر إسحق). تؤكد في مقابلة مع «الحياة» أن «الالتزام جزء من مهنة لا يمكن الاستمرار بها من دون التقيد المطلق. لا حلول أخرى في الظروف الصعبة، فالتأجيل يؤدي إلى التعطيل ويُحدث ضرراً في مسار العمل.

تكشف الممثلة السورية أنها على وشك الانتهاء من عقد اتفاق للمشاركة في مسلسل «وردة وجورية» مع شركة «غولدن لاين»، موضحةً أنه «مستوحى من قصة «ريا وسكينة»، لكنه ليس نسخة عنها بل يكتفي بشيءٍ من روحها. هو عمل بيئة تدور أحداثه في زمن قديم، اجتماعي مشوق ويتضمن في الوقت ذاته مشاهد طريفة... أيّ أن تركيبته متكاملة وجميلة، ومن المفروض أن تشاركني بطولته شكران مرتجى». وتضيف في حديثها عن الموسم الحالي: «حالياً أدرس مشروعين دراميين معاصرين، لكنني لم أحسم بعد قراري في شأنهما».

وتنتظر معمار حالياً عرض الجزء الثاني من «خاتون» معلنةً أن «الشخصية تشهد تطوراً حقيقياً، فتصبح «نعمة» هي الحدث الأبرز والأهم، عند ظهور نتائج أعمالها الشريرة». وعن مشاركتها في الجزء الأول كتجربة جديدة في «عمل شامي»، تقول: «ما يغريني في «خاتون» هو طبيعة الشخصية، فهي مختلفة تماماً عمّا قدمته من قبل، بخاصة أنني لا أميل كثيراً إلى الأعمال البيئية. استمالني دور الشر، كان مسلّياً جداً، والشخصية كانت جذابة بالنسبة إلى الجمهور... والمبالغة في الشر تولّد حالة من الطرافة لدى المشاهد». وترى في عمليها الآخرين «دومينو» (تأليف بثينة عوض وغسّان عقلة، إخراج فادي سليم) و «نبتدي منين الحكاية» (تأليف فادي قوشقجي وإخراج فادي سليم وسيف الدين سبيعي)، أن الأول «لاقى أصداء جيدة والجمهور أحبّه كثيراً، ونال نسب مشاهدة عالية في شهر رمضان»، بينما حقّق الثاني المطلوب منه بطرح مادة للتفكير، إذ إن «طبيعة النص جدلية، لأنه يغوص في عمق العلاقات الاجتماعية، وتُطرح فيه آراء عدّة».

ورداً على سؤالها حول عودتها بعد انقطاع إلى دمشق، حيث تم تصوير الأعمال الثلاثة، تجيب بفرحة ممزوجة بعمق الغصّة: «من الجميل الشعور بأن الظروف في الشام أصبحت أفضل، ما يسمح بالعمل أكثر هناك، بخاصة بعد الصعوبة التي واجهناها في السنوات الماضية، نذهب اليوم إلى التصوير براحة أكبر، نمارس يومياتنا بلا ضغط ولا خوف مباشرين، مع بقاء الغصّة بما يحصل لأهلنا في مناطق أخرى أقل أمناً، لا يمكننا إلّا أن نصر على التفاؤل على أمل أن يعرف السلام طريقه إلى كل قلب سوري وكل أرض سورية». ولكن، هل يكفي الدراما السوريّة الصمود، أم تحتاج إلى التحرك قدماً بنقلة نوعية كما الدراما المصرية؟ ترد معمار: «نحن في حاجة إليها وحتى قبل بدء الأزمة السورية. كنا نتحدث دائماً في الموضوع، لا سيما في ما يتعلق بالنصوص والإنتاج، وعندما حصلت الأزمة أصبح كل ذلك صعباً وتأثرت المهنة أسوة بغيرها... ولكن بما أنها ترتكز على أسس متينة، نجحنا في إبقاء حال من الاستمرارية على أمل أن تنتهي الأزمة ويستعيد الفن عافيته، وربما تكون الأزمة سبباً في إحداث نقلة نوعية في المواد المقدّمة».

وعلى رغم أن مصر تثير طموح أي فنّان عربي وأحياناً «تُعميه» بألقها، إلا أن لمعمار معاييرها الخاصة بما يتعلق بـ «هوليوود الشرق»، إذ قدمت أكثر من عمل فيها ورفضت مسلسلات مثل «سرايا عابدين». بالنسبة إليها، «هناك خياران فقط، إمّا أن تتحول إلى ممثل سوري تعمل في مصر في شكل دائم وتعيش هناك لتؤسس لنفسك المكان المناسب وتتحول إلى جزء من صناعة العمل المصري، كبعض النجوم السوريين في مصر، أو أن تكون ممثلاً سورياً تقدم تجارب تحبها في مصر وتقدمها كأي بلد آخر. الأمر لا يتعلق بالشروط، بل بظرف حياتك وكيف ستديرها».

وتضيف صاحبة الأدوار الكثيرة التي بُصمت بـ «النسوية»: «هذه المهنة ذكورية جداً، الممثلة حتى في هوليوود أجرها أقل من الرجل، وطبيعة المادة الدرامية مختلفة. من الصعب أن تحدث نقلات كهذه لأنها تحتاج إلى تفرّغ كبير وتغيير في نمط الحياة». وتختتم: «أنا معجبة جداً بما تقدمه الدراما المصرية، وفي السنوات الأخيرة حققت نقلة نوعية على مستوى النص والصورة والممثلين. هناك تقدم هائل، ولا مشكلة لدي في المشاركة في عمل مصري مميّز، وسأكون سعيدة جداً، لكنني لا أفكر بالسفر إليها وأن أصبح جزءاً منها».