عبدالرحمن اللاحم

لا يمكن فصل التكفير عن عمليات الإرهاب؛ فكل جريمة إرهابية إنما تتم لترجمة فتوى أو عدة فتاوى تكفير سواء تكفير القيادات السياسية أو العسكريين ورجال الأمن فتلك الفتاوى تبني الشرعية لاستهداف المنشآت ومؤسسات الدولة بحجة أن من يعمل في تلك المؤسسات كافر وبالتالي يكون مستباح الدم بل يكون استهدافه أولى لأنه مرتد وليس كافراً أصلياً على تصنيف تلك الجماعات المتطرفة. ومع خطورة التكفير وعلاقته المباشرة بالإرهاب لا نجد أن هناك إجراءات قانونية صارمة تجاه هواة التكفير، مع أننا نلاحظ أحكاما صارمة من المحكمة الجزائية المتخصصة بشأن بعض من تورطوا بالإرهاب لكن

مواضيع أخرى

لبنان بعد الانتخاب بين التبعية والاستقلال!

معظم تلك الأحكام جاءت في سياق محاكمات لخلايا متورطة بالإرهاب، وكانت إحدى التهم التكفير، لكن لا نجد أن ملاحقة قانونية لأشخاص امتهنوا تكفير مخالفيهم لكنهم لم ينخرطوا علانية في خلايا إرهابية وهذه الشريحة لا تقل خطورة عن الأولى إن لم تكن أشد خطراً على الأمن والسلام الاجتماعي وكذلك على أمن الناس التي تطالهم فتوى التكفير بحكم أن جوهر التكفير هو في الأساس تحريض على قتل المُكَفَّر وإن قال الغلاة غير ذلك، وكنت أتمنى أن يدرج التكفير كسلوك مجرَّم في نظام جرائم الإرهاب وتمويله في الفقرة (أ) من المادة الأولى والتي عرّفت الجريمة الإرهابية لتكون الأرضية القانونية التي ينطلق منها المتضررون من فتاوى التكفير لملاحقة المكفِّرين قضائيا ويكون النص واضحا صريحا لا لبس فيه ولا اجتهاد.

إن خطورة فتاوى التكفير لا تنحصر في الفتاوى الموجهة للقيادات السياسية والأمنية أو لرجال الدين فحسب، وإنما كل فتوى تكفير تصدر بحق مثقف أو فنان أو مُفكر أو لطائفة معينة؛ فهي تحمل ذات الخطورة لأنها تحمل نفس جرثومة التطرف وتستخدم ذات الأدوات الدينية والاستدلالية، لذا فإني أعتقد أنه يجب أن يتصدى لهؤلاء المتطرفين من هواة التكفير بكل حزم وصرامة من قبل المؤسسات القانونية والقضائية في الدولة حتى لا يكون التكفير هواية من لا هواية له وأن يوقف تمدد هذه الظاهرة التي لم يكن لها أن تتمدد لولا أن المُكَفِّر أخذ (السلامة عادة) ولم يجد من يقرع بابه ليقوده إلى عدالة يجتمع الناس تحت رايتها سواسية.