خالد أحمد الطراح

التنمية ومشاريعها وخططها باتت في مهب الريح في ضوء تصريحات رسمية متناقضة لوزيرة الشؤون الاجتماعية وزيرة الدولة للتنمية والتخطيط هند الصبيح، فحيناً تخرج بجرعات حماسية بأن قطار التنمية سيحطم الارقام ويقفز في الكويت الى صفوف متقدمة تنموياً، وحيناً تتراجع وتعترف بأن التنمية تقوم على شراكة حقيقية مع القطاع الخاص وهو الطريق الامثل والصحيح.
المفاجأة ربما عدم تفهم الوزيرة منذ انطلاق قطارها في الوزارة في دور القطاع الخاص في التنمية علاوة على حجم العجز في الميزانية وتراجع «حاد في اسعار النفط» الذي يحول دون تنفيذ الاهداف والخطط، لذا لم يكن مستغرباً رد نُشر اخيرا للوزيرة على سؤال برلماني: «بان الحكومة عاجزة مالياً وفنياً عن تنفيذ مشروعي المترو والسكك الحديد»!
وافادت الوزيرة في ردها بان «مجلس الوزراء احال المشروعين الى هيئة الشراكة بين القطاعين الخاص والعام بناء على توصية المجلس الاعلى للتخطيط».
قطار التنمية لا يسير في الدول المتقدمة والجادة في تحقيق تنمية مستدامة على شخص الوزير، وانما على فريق من العمل متناغم في خططه وتطلعاته بينما في الكويت المعضلة الاساسية التغيير الذي يطرأ على خطط التنمية مع كل تغيير وزاري، فيما ترتفع تكلفة الاصلاح بسبب التراجع وتذبذب القرارات وغياب الرؤية الواضحة للوضع الحالي بالمقارنة مع التحديات ومتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية.

الوضع الاقتصادي الحالي يعيش «أكبر ازمة مالية واقتصادية» وهو ما يتطلب عملية جراحية عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والادارية، فالحكومة لن تتمكن من تنفيذ مشاريع عملاقة لوحدها ولا يمكن ايضا الاعتماد على القطاع الخاص طالما البيئة التشريعية والمالية غير مشجعة لخلق شراكة بين القطاعين الخاص والعام، فالسياسات الرسمية يغلب عليها الانشاء بينما واقعياً الامر مختلف تماماً ولا يبعث على التفاؤل.
هل تكلفة مشروع المترو والسكك الحديد وليدة السنة الحالية ام سنوات مضت؟ طبعاً التكلفة تم تحديدها منذ سنوات، وكذلك الخطط والدراسات، لكن وزيرة الدولة للتخطيط والتنمية اكتشفت ربما بالصدفة او بعد دراسة متأخرة ان التكلفة المرتفعة لتنفيذ المشروعين تشكل عبئاً على ميزانية الدولة وهو ليس اكتشافاً جديداً، فمثل هذه الامور ينبغي ان تكون ضمن حسابات الوزارة، لكن ربما الاندفاع نحو التصريحات الحماسية خلق ضبابية تحول دون ادراك واقع الحال المتناقض.
يبدو أن التنمية تحولت الى حقل تجارب لكل وزير يأتي على هرم التخطيط، والمصيبة وجود جهة حكومية لمتابعة الاداء الحكومي لم نجد لها قراراً في وقف قرارات نسف ما تم من قبل وزراء سابقين لخطط بعضها مجدية فيما ضربت ارقاما قياسية لأحلام التنمية وأواهمها وهي عادة كويتية جزء من الموروث الشعبي!
هل ستعود الكويت الى نقطة الصفر في التنمية بعد حل مجلس الامة؟! الأسابيع القادمة ستكشف عن المستور ومسار التنمية الذي ربما سيحتاج الى عربة لجره الى الامام!