عبدالله محمد الشيبة

عاش المواطن الإماراتي حدثين مهمين خلال أقل من أسبوع وذلك في إطار عصر الإنجازات الذي تمر به الدولة خلال السنوات الماضية. ويعكس الحدثان الرؤية الثاقبة والاستراتيجية للقيادة الرشيدة والهادفة إلى إحداث نقلة نوعية كبرى لمجتمع الدولة ليصبح ضمن أفضل المجتمعات العالمية. وجاء الحدث الأول تحت عنوان «قانون القراءة» بينما كان الحدث الثاني هو وضع القطعة الأولى للهيكل النهائي للقمر الصناعي «خليفة سات».

فقد جاء إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، لقانون القراءة، وهو أول قانون من نوعه للقراءة على مستوى العالم، ليضع الدولة في صدارة دول العالم التي تهتم بالقراءة ليس على المستوى الفردي أو الأكاديمي أو البحثي بل على المستوى التشريعي والاجتماعي أيضاً. فقد وضع القانون أطراً وبرامج وحدد مسؤوليات حكومية بهدف خلق المجتمع القارئ. وأصبح لزاماً على الجهات الحكومية تمكين الموظف من تخصيص وقت محدد للقراءة التخصصية في مجال المهنة ضمن أوقات الدوام الرسمي، إضافة إلى تبني التدابير والإجراءات كافة الكفيلة بالتشجيع على القراءة ودعم أنشطتها. كما يلزم القانون الجهات الحكومية بتوفير مكتبات عامة أو أماكن مخصصة للقراءة. كما لم يغفل دور القطاع الخاص إذ على الجهات الحكومية تشجيعه على الاستثمار في إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية إضافة إلى تحفيز مراكز التسوق في مختلف أنحاء الدولة لتخصيص مساحات مناسبة لإنشاء المكتبات العامة، والتي يجب أن تكون متاحة للاستخدام طيلة أيام الأسبوع.

وبشكل عام لا بد أن تلبي المكتبات العامة احتياجات مرتاديها كافة، وخاصة ذوي تحديات القراءة، وذوي الإعاقة الحركية. كما أرسى القانون أسسَ وقواعد استخدام تقنية المعلومات الحديثة في إدارة المكتبات من خلال الشبكة الإلكترونية وخدمات استعارة الكتب وتوفير المعلومات الرقمية مجاناً. وتطرق القانون أيضاً إلى ضرورة تطوير العنصر البشري، الذي يعمل في المكتبات وخاصة أمين المكتبة. كما أعفى القانون مواد القراءة من أي رسوم أو ضرائب لأهداف التأليف أو النشر أو الطباعة أو التوزيع.

كما نص القانون على قيام كل من وزارتي الثقافة وتنمية المعرفة والاقتصاد والمجلس الوطني للإعلام بوضع برنامج لتطوير صناعة النشر في الدولة بهدف إثراء محتوى القراءة باللغة العربية. كما وجه القانون وزارة التربية والتعليم لطرح برامج أكاديمية متخصصة في صناعة النشر وإدارة المكتبات وتشجيع المواطنين على الالتحاق بها.

ثم جاء الحدث الثاني والذي بدوره يضع دولة الإمارات ليس في مقدمة دول العالم على الكرة الأرضية فقط، بل أيضاً في الفضاء الذي لم تسبر أغواره سوى حفنة قليلة من الدول. فقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتثبيت أول قطعة على الهيكل النهائي لـ«خليفة سات» وهو القمر الصناعي الأول على مستوى العالم العربي الذي يتم تصنيعه بأيدٍ عربية بالكامل على يد المهندسين الإماراتيين، ومن المخطط أن يتم إطلاق القمر الصناعي إلى الفضاء الخارجي في عام 2018. وسوف يتم تسخير هذا القمر لخدمة مجالات التطوير والتنمية والأبحاث العلمية والبيئية في الدولة من خلال استقبال وتحليل البيانات والصور الفضائية المرسلة من القمر الصناعي. وبذلك تضع دولة الإمارات حجر الأساس لصناعة جديدة بالكامل على العالم العربي وهي الصناعة الفضائية تتربع على صدارتها وريادتها الدولة بهدف تدعيم مسيرة بناء اقتصاد المعرفة.

إن المتتبع لمسيرة دولة الإمارات خلال الأعوام القليلة الماضية لا يسعه سوى التيقن من أن إنجازات الدولة على الصعد كافة لن تتوقف بل ستستمر في ازدياد ولكي نتأكد جميعاً من أن مقدرات الدولة لا تذهب هباء منثوراً بل يتم تسخيرها لرفعة المواطن ليفخر دائماً بانتمائه إلى هذا الوطن المعطاء.