محمد عبدالله الخازم

 من الأقوال التي نسمعها تتكرر عندما تطرح فكرة انتخاب مجلس الشورى أو انتخابات الأندية الأدبية وغيرها «نحن لسنا جاهزون للعملية الديموقراطية والانتخابات، نحتاج الارتقاء بالوعي أولاً وغير ذلك من الأعذار». لكن تجربة اتحاد كرة القدم أثبتت بطلان تلك الأقاويل، حيث نجح بامتياز - من وجهة نظر المنصفين- في أول تجربة ديموقراطية خلال الأربع سنوات الماضية. قبل التطرق إلى مسببات نجاح التجربة أشير إلى أن البعض ينظر للتنافس وقوة النقد والطرح الرياضي، بأنها سلبيات بينما هي دليل آخر على أن التجربة لم تحسن العمل الرياضي وتجربة أهلية واستقلالية الاتحاد فقط، بل رفعت سقف حرية النقد وشفافيته وذلك من مقومات الديموقراطية الحقة. سيكون لإنجازات الاتحاد المعاصر وماحققه في أول دوراته وقفة أخرى، لكن تركيزنا على فكرة نجاح التجربة الديموقراطية لاتحاد كرة القدم وأرى أبرز مسبباتها التالي:-

* النظام هو الأساس. هذا الاتحاد شكل من أعضاء انتخبوا فرادا ورغم ذلك كان هناك نظام واضح يضبط عمل الجميع. نظام الاتحاد بلجانه وقوانينه كان مرجعية حمته من كثير من التجاوزات. إحدى مسببات فشل بعض تجاربنا الانتخابية تتمثل في ضعف الأنظمة التي تحكمها نبدأ الانتخابات جميلة ثم نكتشف ثغرات الأنظمة.

* المرجعية الواضحة. مرجعية اتحاد القدم هي الفيفا، بلجانها المختلفة بما فيها القضائية وهي واضحة في صرامتها وحياديتها واستقلاليتها. لست أقصد أو أطالب بأن تكون مرجعيتنا دولية في كافة المجالات ولكن أمثل بفكرة استقلالية ووضوح المرجعية. أحد أسباب فشلنا في المجالس البلدية، مثلاً، هو في غياب المرجعية المستقلة حيث أصبحت البلديات، الجهة المراقبة، هي المرجعية ورؤساؤها هم الأعضاء والرؤساء للمجالس البلدية.

* التجربة الكاملة التطبيق. تجربة اتحاد كرة القدم لم تكن مجزأة كأن يكون نصفها تعيين والآخر انتخاب أو يكون انتخاب رئيس الاتحاد ينتظر تصديق جهة حكومية أخرى أو أن يكون جزءا منه محتكر للجامعة وأخرى لجميع الأعضاء. لم تحقق الجمعيات العلمية، كمثال، المطلوب منها لأنها تخصص ثلث مقاعد مجالسها لقسم أكاديمي واحد والبقية يتنافس عليها أعضاء الجمعية ومثلها المجالس البلدية يتم عطب انتخاباتها بتعيين أشخاص في المجلس وأولهم المسؤول التنفيذي رئيس البلدية وهكذا في بقية التجارب.

* الاستقلالية المالية. اتحاد القدم مستقل مالياً وأحد نجاحاته تمثلت في زيادة مداخيله وإعلان ميزانيته بشكل شفاف. تجاربنا في الأندية الأدبية، مثلاً، هي رجوعها للوزارة في مصروفاتها ومداخيلها ومثلها المجالس البلدية التي تصرف عليها البلديات، وهكذا.

الفكرة التي أريد الوصول إليها أنه يمكننا النجاح في أي تجربة ديموقراطية وفكرة التهيئة والتوعية التي تتكرر على مسامعنا على مدى عقود من الزمن، مجرد مخاوف. نجاح اتحاد الكرة ليس مرده كون الوعي لدى الرياضيين أفضل من غيرهم، بل تطبيق التجربة بشكل متكامل في ظل نظام واضح ومرجعية صارمة واستقلالية واضحة.