ينشغل الوسط السياسي العراقي بمناقشة ما بعد تحرير الموصل وتشكيل أقاليم جديدة، أو منح المحافظات المزيد من الصلاحيات. ويتقدم النقاش سيناريو عنوانه «الأقاليم السبعة»، فيما تراجع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عن رفضه انسحاب «البيشمركة» من المناطق المحررة في نينوى. وأفادت مصادر مطلعة بأن رجل الأعمال خميس الخنجر يجري اتصالات مع مسؤولين وزعماء سياسيين لتسوية ملفات قادة سنّة صدرت بحقهم أحكام قضائية، مثل طارق الهاشمي ورافع العيساوي وأثيل النجيفي في إطار ما بات يعرف بـ «التسوية التاريخية». 

ميدانياً، أعلنت القوات العراقية استعادة قرية تل واعي شمال محور الزاب بالكامل، بالإضافة إلى قرية عمر شمال النمرود في المحور الجنوبي للموصل.

وعلى رغم بطء التقدم في معركة الموصل الذي يعزوه عسكريون الى صعوبة تحرك القوات في أحياء مكتظة، فإن الأوساط السياسية بدأت الإعداد لـ «التسوية التاريخية» بعد «داعش» بإشراف بعثة الأمم المتحدة، ويتقدم فريق صوغ التسوية زعيم «التحالف الوطني» عمار الحكيم.

وتتحدث المصادر المقربة من تلك الحوارات عن قضيتين عالقتين: الأولى تتعلق بآلية تحول محافظة أو أكثر إلى إقليم أو الإبقاء على التنظيم الحالي بعد توسيع قانون المحافظات، أما القضية الثانية فهي تسوية الملفات القضائية لقادة سنة، بعضهم معتقل.

في الموضوع الأول، تقول المصادر إن سيناريو «الأقاليم السبعة» يتقدم النقاش، وهو ينص على تشكيل سبعة أقاليم، اثنان في المناطق الكردية، يضم الأول كردستان الحالية، ويضم الثاني كركوك وديالى، أو تقسيم الإقليم الحالي إلى فيديراليتين تضم الأولى كركوك والسليمانية، والثانية أربيل ودهوك، لكن بارزاني يرفض هذا الطرح.

ويطرح قادة سنة فكرة تشكيل إقليمين سنيين في الشمال والغرب يضمان الموصل من جهة وصلاح الدين والأنبار من جهة ثانية، بالإضافة إلى ثلاثة أقاليم شيعية تشمل الجنوب والفرات الأوسط وجنوب بغداد وشرقها، يقابل هذا التصور طرح آخر يقضي بتحويل كل محافظة إلى إقليم، أو تشكيل ثلاثة أقاليم سنية وشيعية وكردية، وهدفه جمع محافظة غنية بالموارد مع محافظة بموارد أقل.

وهناك عوائق كبيرة تقف أمام كل هذه التصورات، بينها ما يتعلق بعدم الانسجام بين المدن المقترح ضمها في إقليم، وتمسك المحافظة الغنية مثل البصرة بالتحول إلى إقليم، بالإضافة إلى إشكالات تتعلق بمستقبل الموصل في حال تم تقسيمها إلى محافظات جديدة.

من جهة أخرى، أُجريت خلال الأسابيع الماضية سلسلة اتصالات لتسوية ملفات القادة السنة القضائية، مثل رافع العيساوي وطارق الهاشمي وأحمد العلواني، بالإضافة الى أثيل النجيفي الذي صدرت في حقه أخيراً مذكرة اعتقال بتهمة التخابر مع تركيا، وآخرين في هيئة علماء المسلمين. يقود هذه المفاوضات خميس الخنجر، وهو رجل أعمال سني معروف، سبق أن دعم القائمة «العراقية» في انتخابات 2010، وهو بدوره كان مدرجاً على قائمة المطلوبين وتمت تسوية ملفه.

في هذا الوقت، جاء في بيان لرئاسة إقليم كردستان، أن «بعض وسائل الإعلام العربية أشارت خطأً إلى فقرة (في خطاب بارزاني أول من أمس) تتعلق بسحب أو إبقاء قوات البيشمركة من أو في المناطق المحررة»، وأوضح أن «الخطاب كان بالكردية ترجمت منه جمل معينة في بعض وسائل الإعلام العربية بصورة خاطئة أدت إلى خروج هذه الجمل من سياقاتها ومضمونها»، مضيفاً أن «بارزاني يؤكد في مجمل خطابه التزام الإقليم بأي اتفاق مبرم بهذا الخصوص، ونص الترجمة الرسمية للخطاب منشور على موقع الرئاسة».

وكان مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي رد على تصريحات بارزاني عن رفضه الانسحاب من المناطق المحررة، بتأكيد أن الاتفاق بين بغداد وأربيل فيه بند صريح ينص على انسحاب «البيشمركة» من المناطق المحررة إلى أماكنها السابقة.