عائشة سلطان

 يقال إن كثيراً من مراكز استطلاعات الرأي خسرت سمعتها لفشلها في توقعات نتائج الانتخابات الأميركية، التي أصرت على أن هيلاري كلينتون هي من ستفوز برئاسة الولايات المتحدة، فجاءت النتائج على عكس ما تشتهي السفن، مع ذلك فهناك كثر من توقع فوز دونالد ترامب، الإشكالية ليست في توقع النتيجة بقدر ما هي في الآليات والأدوات المستخدمة في عمليات استطلاع الرأي، وقراءة الحدث من كل زواياه، ومتابعته بدقة ورؤية كل ما يمر في الصورة وكل ما يكتب!

في عالمنا العربي، ومنذ بدأ السباق، كانت الكثير من الصحف وكتاب الرأي ومحللي نشرات الأخبار قد حسموا النتيجة لصالح كلينتون، بناء على موقف الإعلام الأميركي غير المؤيد لترامب، وبالتأكيد فإن قنوات التأثير ومضخة الأخبار والتحليلات كانت توزع في الدقيقة الواحدة أخباراً وتأكيدات تخدم توجه النخبة السياسية في واشنطن، الدائرة الضيقة والمسيطرة على مجريات الأمور والتي كانت تفضل كلينتون حتماً!

كلينتون ابنة المؤسسة التي لا خوف منها، فهي سليلة هذه النخبة، والدها كان سفير الولايات المتحدة في لندن إضافة لكونها زوجة بيل كلينتون وسيدة أميركا الأولى لثماني سنوات وعضو بارز في مجلس الشيوخ، ووزيرة الخارجية في عهد أوباما ومرشحة الديمقراطيين في سباق الرئاسة، بينما يأتي ترامب من خارج هذه المعادلة تماماً!

ظل الإعلام الأميركي معادياً لترامب وحرف كثيراً من شعاراته عن مساراتها الحقيقية ولم يعطها ما تستحقه من الاهتمام لأن النخبة والإعلام كانوا مع كلينتون وضده، فثبت للجميع ما ردده هذا الإعلام بأن ترامب مجنون ووغد ومتهور وجلف وفظ و... الخ!

تساءل كثيرون كيف لمجنون أن يكون كل هذه الثروة، وكيف لجلف أن تتزوجه امرأة فاتنة كميلانيا، ويفوز برئاسة أميركا في مواجهة شرسة مع كلينتون، حتى على الرغم من أن شعاراته ووعوده التي قدمها للناخب كانت تحاكي الذهن الأميركي وتتحدث عن مطالبه بصوت عال!

في السياسة لا وجود لتفاؤل أو تشاؤم ولا حب ولا كراهية، وفي استطلاعات الرأي كذلك، هناك أدوات علمية دقيقة، ومتابعة للحدث بشكل دقيق وبخلفية معلومات كبيرة عن نفسية وتوجهات وذهنية الوسط الذي يجري فيه الحدث، كان على مراكز الأبحاث والمحللين أن يقرأوا ذهنية ومزاج الناخب الأميركي بعد سنوات من فشل الديمقراطيين المتوالي ليعرفوا لمن ستؤول الرئاسة!