سعيد الحمد 

ما تم تسريبه ونشره موقع ويكيليكس من برقيات هيلاري، يأتي في سياق ما نشره الموقع المذكور من برقيات مثيرة عن أجندة الديمقراطيين خلال ثماني سنوات، تخللها ما أطلقوا عليه «الربيع العربي». ذلك «الربيع» المريب، والذي لم يكن الديمقراطيون بمعزل عن الترتيب له خلال فترة طويلة، والتنسيق مع «الربيعيين العرب» الذين اعترفوا بذلك بشكل أو بآخر.
وموقع ويكيليكس نشر برقيات خطيرة من سفارة الديمقراطيين هنا في العاصمة المنامة، نشرنا معظمها وعرضنا لها تفصيلاً في برامجنا التلفزيونية وكانت محل اهتمام المواطنين الذين صُعقوا بالترتيبات المشبوهة.
أجندة الحزب الديمقراطي تجسَّدت بشكل لا يقبل الجدال ولا يحتاج الى عناء كبير لفهم موقفها من انظمتنا ومصالح شعوبنا، وسواء كانت كلينتون وزيرة خارجيتهم أم كان كيري، فالأمر سيان.. فالوجوه تتغير وتتبدل وتبقى اجندة الحزب ومشروعه مستمرًا وقائمًا.
وحتى نقطع الطريق على المتصيِّدين والمزايدين «إياهم» الذين أفلسوا بعد فشل انقلابهم، وما زالوا يرصدون كل شاردة وواردة منا، فنقول وبالفم المليان هذا لا يعني تعاطفنا وانحيازنا وثقتنا بالجمهوريين، فالحزبان سواء والأجندات متقاربة وليت الذين راهنوا على الأجنبي يفهمون ذلك بدلاً من انشغالهم المضحك بالتصيّد والترصد المثير للشفقة والسخرية.
وأجندة الديمقراطيين لا نحكم على سوئها وخطورتها من فراغ؛ فقد عشنا معها تجربة مريرة ومؤسفة.
فعندما يتفاخر زعماء الانقلاب في دوار العار فيخطبون منتشين مغرورين ببقاء مساعد وزيرة خارجية أمريكا لمدة خمسة أيام في البحرين، وقريباً من دوار الانقلاب فهذا الفخر والإشادة والنشوة بوجوده تعني أشياء كثيرة، وتقدم دلائل وبراهين على مدى التنسيق وعمق التفاهمات ومتانة الترتيبات بين الانقلابيين هنا والديمقراطيين الامريكان هناك.
وأخطر ما يقع فيه السياسي والقائد الحزبي المؤدلج هو الحماسة التي تدفع به نشوتها الى التورط بكلام وبمعلومات تدل علي نقاطٍ أخطر مما يبدو فوق السطح.
ليست زلة لسان وللناس ذاكرة لا تنسى تلك الايام، فعندما ربطوا بين ما نشرته الصحف المحلية مطلع الاسبوع الماضي من برقيات هيلاري عن البحرين وتورطها في المؤامرة الانقلابية ضد البحرين، وبين فيديو تم تصويره في الدوار يزهو فخوراً ببقاء مساعد وزير الخارجية الامريكية في البحرين اياماً عديدة ويعترف فخوراً بأن ما يحدث في الدوار بسبب المساعد؛ فإن هذا الاعتراف دليل على ما كنا نقوله ونذكرهُ ومنذ وقتٍ مبكر حول العلاقة المشبوهة بين الانقلابيين وبين الادارة الديمقراطية الأمريكية.
ولم نكن نقرأ الطالع والغيب ولكننا كنا نقرأ الواقع ببصيرة وطنية مخلصة لهذه الارض وترابها، وكنا نرقب بقلوب واجفةٍ ايامها من كان يبيع ومن كان يشتري، وكنا ندرك ان «اللي في الفخ اكبر من العصفور». هل تذكرون كم مرةً رددنا هذا المثل الشعبي البليغ والدال في عبارات محلية لا يخطئها من يفهم المعنى. وبين الديمقراطيين في واشنطن وبين الانقلابيين يبقى شعب بحريني عربي عميق الانتماء كبير الولاء، وهو ما لم يفهمه لا الديمقراطيون ولا الانقلابيون فضاع رهان «ربيعهم» المزعوم في خرائب زمانهم الشائخ، وغادرتهم ذاكرة الوعي بإرادة الشعوب وانتمائها وولائها، وتلك معادلة لن يفهمها من يحمل شعار بيع كل شيء وشراء كل شيء، فليس كل شيء يُباع وليس كل شيء يُشترى.