حسين شبكشي

 مع قبول العالم للخبر الصادم الناتج عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، واستقرار الناس على قبول فوز دونالد ترامب بالرئاسة، والاستعداد للتعايش مع تصريحاته ومواقفه التي ستنعكس، ولا شك، في سياسات محددة وشخصيات مثيرة للجدل ستعنى بتنفيذها، نتساءل: كيف سيتأثر العالم العربي جراء وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟

هذا هو السؤال العريض الذي يأتي طبيعيًا كمسألة بديهية. وصول دونالد ترامب جاء كصدمة كبرى لأصحاب مشروع الإسلام السياسي (بشقيه؛ السني والشيعي، المتمثلين في مجموعة جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحاكم في إيران)، وهما مجموعتان استثمرتا العلاقة السياسية مع هيلاري كلينتون وإدارة أوباما، وكان من البديهي أن يستمر خط الانفتاح وتطوير العلاقة، إذا ما وصلت هيلاري كلينتون للحكم، ولكن هذا لم يحدث، ووصل ترامب، المعروف بعدائه وتشكيكه في الجماعات الإسلامية، ولديه موقف مناهض لإيران وبناء أي علاقة إيجابية معها، فهو يعتبرها راعي الإرهاب الأول في المنطقة.
هو مع إطلاق اليد العليا والقاسية ضد كل الجماعات المتطرفة الإرهابية التي ترفع الشعارات المتطرفة، ويرغب في القضاء عليها.
سيكون موقف ترامب واضحًا من إيران؛ إيران لن تكون صديقًا أو حليفًا في عهده، ولكن سينسق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تربطه به علاقة ود، سينسق معه في الملف السوري، وهو يرى أن الأولوية للقضاء على «داعش» وإخراجه من الأراضي السورية، ومنح بشار الأسد فرصة بسط نفوذه على الأرض، إلا أنه لا يؤيد استمراره في الحكم.
هو مع سياسة نفطية متشددة، كما أشار في حملته الانتخابية، يتم فيها الاعتماد بشكل أساسي على النفط الأميركي، مما يعني منح مزايا هائلة لشركات النفط الصخري والغاز الصخري في الولايات المتحدة الأميركية، للتنقيب والإنتاج، ومن ثم التصدير، لتمكين مكانة أميركا بشكل أكبر، وجعلها منافسًا فعالاً ومؤثرًا قابلاً للسيطرة والتحكم والمنافسة في السوق النفطية.
سياسات الرجل فيما يخص المسألة الفلسطينية ستكون «محاولات» لإحياء القضية، ولكنه غير مهتم بإنجاز تاريخي. سيكون على علاقة احترام مع الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر والمغرب والكويت، فهو يكنّ لتلك الدول مكانة خاصة لعلمه بأهمية ما كان بينها وبين أميركا من علاقات ناجحة على الجانب الاقتصادي والأمني والسياسي.
ستنعكس سياساته المقترحة ضد المهاجرين والأقليات، خصوصا المسلمين، على علاقاته بالعالم الإسلامي بطبيعة الحال، ومن المبكر الحكم عليها قبل أن يحصل أي شيء له علاقة بالسياسات والتشريعات الرسمية.
هذا طبعا كلام الرجل في حملته الانتخابية، ولكن لننتظر ونرَ ما هو فاعل عند تسلمه الحكم في يناير (كانون الثاني) المقبل، ولكن نرى أن عهد دونالد ترامب سيكون متغيرًا بشكل كامل عن عهد باراك أوباما، ومن تضرر من تلك الحقبة، فسيتنفس الصعداء بوصوله للحكم، ومن استفاد، فسيكون منزعجًا جدًا.
المؤكد أن أميركا اختارت العلاج الصادم لأزماتها باختيارها رجلاً لا خبرة له سابقة في أي منصب حكومي، ورجلاً لم يخدم في العسكرية، ورجلاً أبدى مواقف عنيفة ضد المبادئ السياسية التقليدية.. وعلى العالم التعامل مع هذا الاختيار.