أمجد المنيف

تابعت، وكثير غيري، سلسلة "هموم صحفية"، التي نشرها الزميل العزيز خالد المالك، رئيس تحرير صحيفة الجزيرة، والتي تحدث عبرها عن هموم الصناعة الصحفية بشفافية، ورغم أن الكثير فعلوا قبله؛ إلا أن حديثه ذو تأثير مختلف، نظرا لخبرته الطويلة، ورئاسته للجزيرة، ولكونه أول رؤساء تحرير الصحف الورقية الذي ينشر الهموم على مساحة العامة، عبر حلقات.

شخصيا، أتفق مع بعض ما راح له أبو بشار وأختلف مع أخريات، لكن النقطة الأبرز الملفتة بالنسبة لي، والتي دعتني للكتابة، هو افتراض الحلول من خارج المؤسسات الإعلامية، وهذا أمر غير دقيق، لاعتبارات مختلفة، منها أن لكل مؤسسة إعلامية خطها وظروفها وطريقتها المختلفة في الاستثمار والتعاطي.. كل هذا يأتي جنبا إلى جنب عدم وجوب أن يكون لوزارة الثقافة والإعلام أي دور، بنظري على أقل تقدير، وهذا الطبيعي في أي مكان بالعالم، في الدول التي لديها وزارات، وإنما تكتفي بالدعم اللوجيستي، الذي لا يضر باستقلالية الصحافة، ولا يتدخل بنهجيها الإخباري والتجاري.

في الزاوية الأهم، كعكة الإعلان اللذيذة، والتي قال المالك بانحسار مواعيد تقديمها، أقول بأن هذا قد يكون سببا لكنه ليس الرئيس المباشر، لأني أعتقد أن الكعكعة ما زالت بنفس الحجم، بينما اختلفت طريقة التقديم، وتغيرت أزمنة التوزيع.. وبالتأكيد فإن صناعة الصحافة الإلكترونية لم تنضج بعد، وأتفق بقوة معه في هذا، وقد كتبت عن ذلك عدة مرات، لكن يجب عدم افتراض أنها المنصة الوحيدة المنافسة، الأمر يتعلق بالتسويق الرقمي ككل، فالمنافس لم تعد المؤسسات الإعلامية وحسب، بل هناك شركات تقنية وأفراد، بخيارات أوسع، ومرونة في التعاطي، وسرعة في الوصول وقياس التأثير.

من وجهة نظري المتواضعة، أعتقد بأن خيارات المؤسسات الإعلامية التقليدية ما زالت مهمة، بالتأكيد ليست كالماضي لكنها لا تزل مؤثرة، متى ما استثمرت بوجهها الصحيح، فهي تملك العلامات التجارية المؤثرة، والجماهيرية الواسعة، والأرشيف الكبير، والقدرات التحريرية والاستشارية، وتتبقى زوايا أفكار وآليات الاستثمار، وخلق منصات حديثة، قادرة على التكامل والتنوع، وإيجاد منهجية تسويقية حديثة، وتتفهم احتياجات المعلن ومزاجية القارئ.

النقطة الأخيرة، ولست متأكدا إذا ما كانت الأهم أو لا، يجب أن نتذكر أن الاستثمار لا يوجب أن يكون وفقا لأفكار مجربة فقط، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون في نفس المجال.. الفضاء واسع، والأفكار لا حدود لها! والسلام.