يحيى مفرح الزهراني

يضرب الإرهاب العالمي ببراثنه، جميع الدول دون تفرقة ويهدد التنمية والاقتصاد والاستقرار، وتبنى على آثاره كثير من السياسات الداخلية والخارجية.

أعلنت السعودية، ممثلة بولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قيام التحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب، ويعتبر هذا الإعلان نقلة نوعية جديدة لسياسة المملكة، وذراعا عسكريا ودبلوماسيا آخر يعزز من وجود المملكة على الساحة الدولية كفاعل مؤثر. ويمثل هذا التحالف استكمالا لدعوة الملك عبد الله لمركز دولي لمكافحة الإرهاب، وأن هذا التحالف سيكون بمنزلة أداة مهمة تعمل بشكل صلب وناعم في آن واحد.

 

يعرف الإرهاب أكثر من تعريف بحسب المنظور والمنهجية، أو حتى الدولية والجهة التي تقوم بصياغة ذلك التعريف، ويشير أحد التعريفات إلى أن استخدام العنف من جهات ليست بالدولة، مع استخدام أجندة أو هوية أيديولوجية، أو دينية، أو سياسية، أو حزبية بهدف الوصول إلى مصلحة.

ويربط أحد المختصين بين جدلية الدين والسياسة والعنف، والعلاقة الجدلية بينهم، ولغة الخطاب والدلالة ولا سيما في تعريف قيم الدولة، أو بين الأصالة والحداثة، ولذلك نجد لكل عمل إرهابي خطابه وتأصيله ودلالاته المبنية على أسس فكرية، دفعت مرتكب هذه الجريمة إلى ارتكابها.

وقد استقرت دول العالم ومؤسساتها على أن تحارب الإرهاب وجذوره، وطرق تمويله، وجماعاته، وأفراده، وطرق التجنيد، والخطاب. وشكلت مكافحة الإرهاب دوليا جزءا لا يتجزأ من أعمال الأمم المتحدة. فميثاق الأمم المتحدة يحدد مقاصد المنظمة، التي تضم صون السلام والأمن الدولي، واتخاذ تدابير جماعية لمنع التهديدات للسلام ولقمع العدوان وتعزيز حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية. وبحسب الأمم المتحدة "منذ عام 1963، وضع المجتمع الدولي 13 صكا قانونيا عالميا لمنع الأعمال الإرهابية.

حاليا، يعتبر المجال السيبراني من المجالات المؤثرة ذات العلاقة بالإرهاب في المجتمعات من ناحية إيصال المعلومة بشكل سريع، الحشد، وكذلك كسر الحواجز التقليدية في الهيكلية الإدارية ولذا يستخدم الإنترنت بشكل كبير منطلقا من دوافع سياسة وأيديولوجية باستخدام الحواسب وتقنية المعلومات من أجل إحداث اضطراب شديد، أو الخوف على نطاق واسع في المجتمع.

 ويشكل الإرهاب الهاجس الأمني الأكبر لكثير من دول العالم، من ضمنها الولايات المتحدة، حيث احتل موضوع الإرهاب دورا كبيرا في الانتخابات الرئاسية، وها هو كذلك الآن يأخذ مساحة كبيرة في الانتخابات الفرنسية الحالية.

يلعب الإعلام العالمي، دورا مخزيا في إعطاء صورة سيئة عن المملكة وبعض دول العالم الإسلامي ومثل تلك الادعاءات الباطلة تتطلب جهودا إعلامية خارجية، من خلال جميع أدوات الاتصال والتواصل، بهدف الرد على مثل تلك الادعاءات وتفنيد وجهات النظر المتحاملة دون وجه حق.

لا شك أن مصادمة الفكر بالفكر هي أفضل طريقة، لكن التنظير وحده يبقى تنظيرا في عالم يتسارع فيه الاتصال الإلكتروني والمعلوماتي بشكل غير مسبوق، و يتم تحليل ردود الفعل الحكومية والشعبية، تجاه عدد من القضايا الدينية والسياسية في البيئة الأمنية للسعودية ودول الخليج.

وقد بدأت بوادر عمل مشترك ممثلة بالتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ولا شك أن هذا التحالف سيشكل لبنة عمل متميزة تسعى من خلال الأدوات الناعمة والصلبة للمواجهة والتفاعل مع القضايا الإقليمية والدولية المتعلقة بالإرهاب.

نستطيع الوصول على سبيل المثال، بالنظر لمنهج النظام، إلى عدد من الرسائل ولا سيما إذا ما تم تقسيم العمل الإرهابي إلى ثلاثة أقسام (الإعداد ـــ العملية ـــ ما بعد العملية)، ومن هنا يمكن لمراكز الأبحاث التابعة للتحالف الإسلامي استخدام عدد من المنهجيات الكمية والنوعية من أجل الوصول إلى طرق تواكب التطور الذي صاحب الظاهرة، بل وتتخطاه، حتى تعمل على الوقاية من تلك العمليات.

من ناحية إقليمية يعمل تعزيز التكامل التشريعي البيني الخليجي على تعزيز استتباب الأمن ومواجهة الإرهاب خصوصا في مجال الأمن الخليجي الشامل وهذا يشمل التنمية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع اهتمام مباشر بقضايا الشباب والإدماج المجتمعي الذي سيعود بالنفع على مواطني ودول الخليج. إن التنمية يجب ألا تقتصر على البنى التحتية بل يجب النظر كذلك إلى التنمية الروحية المجتمعية، ولن ينشأ ذلك إلا عبر رؤية مشتركة بالرغبة في الوصول بالمواطن إلى الازدهار ورغد العيش.