كرمت سويسرا سمو الشيخ ناصر المحمد خلال احتفال أقامته جامعة جنيف ووزارة الخارجية السويسرية بمناسبة مرور خمسين عاماً على إقامة العلاقات الديبلوماسية السويسرية - الكويتية رسمياً تقديراً لجهود سموه البارزة والمتميزة في دعم وتعزيز هذه العلاقات.


وقام الرئيس الأعلى لجامعة جنيف البروفيسور إيف فلوكيغر بتسليم سمو الشيخ ناصر ميدالية (سكولا جنفانسيس) خلال احتفال جرى أخيراً بهذه المناسبة بحضور وزير الدولة للشؤون الخارجية السويسرية ايف روسييه ومندوب سويسرا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير تسيلفغر وعمدة جنيف غيوم بارازون ومدير شؤون العلاقات الدولية في جامعة جنيف بيار ويلا.

وأكد المحمد في كلمته خلال الحفل على ان السياسة الخارجية الكويتية تقوم على احترام المبادئ والأهداف التي تتضمنها مواثيق الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربي وعلى الاستفادة من التوازنات الدولية وتوثيق الصلة بالقوى السياسية الدولية الصاعدة واستثمارها للمصالح الوطنية».

وشدد المحمد على ان الكويت تدين أشكال الإرهاب العالمي كافة وترفض محاولات ربط الإسلام بأعمال العنف التي يقوم بها قلة من المنتمين إليه.

وأوضح ان الكويت تعمل على المستوى الاقتصادي على اتباع سياسة متوازنة في مجال النفط وتسعى لاستقرار السوق من التقلبات والاضطرابات.

وعلى المستوى الانساني قال إن السياسة الخارجية الكويتية اتسمت بصبغة انسانية مميزة من خلال تبنيها لمبدأ دعم مشاريع التنمية في الدول النامية وتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة ومساندة ضحايا الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات.

وأضاف ان «ثلة متميزة من الكويتيين داخل وزارة الخارجية يقومون على تنفيذ سياستنا الخارجية وهي السياسة التي أرسى دعائمها أستاذي ومعلمي سمو أمير البلاد والتي تتميز بالجانب الإنساني والإغاثي على مستوى العالم حتى جاء وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للكويت أثناء التكريم الرسمي لسمو الأمير في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك بأنها (مركز للعمل الإنساني) كما وصف سمو الأمير بأنه (قائد للعمل الإنساني) تأكيداً على الدور الإنساني الايجابي والرائد للكويت».

وفي الوقت ذاته أوضح سموه ان الكويتيين لا ينسون أبداً موقف الاتحاد السويسري المؤيد للكويت إزاء الغزو العراقي «ولا ننسى كيف تفاعلت مدينة جنيف مع معاناة شعبنا عندما فتحت سويسرا مدارسها لأبنائنا وقدمت خدماتها لكل الكويتيين المقيمين على أراضيها بالمجان».

وأضاف «كما أننا لا ننسى موقف الحكومة السويسرية من قضية الأسرى والمفقودين من خلال جهودها المبذولة داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يقع مقرها في جنيف والتي لا يسعنا إلا نشيد بجهودها من أجل دعم الشعوب المنكوبة وتأمين المساعدات الإنسانية لهم».

وأكد متانة العلاقات السويسرية الكويتية التي ترسخت طوال تلك السنوات حتى صارت سويسرا من أهم البلدان التي يفضلها رجال الأعمال الكويتيون لما توفره من بيئة مالية آمنة وقضاء نزيه وعادل وفوق كل هذا فإن سويسرا يفضلها السياح الكويتيون الذين وصل عددهم الى ما يقارب 40 ألف زائر في السنوات الأخيرة.

واشار إلى أن عدداً كبيراً من السياح المسلمين لم يعد يقطع إجازته الصيفية ليعود إلى بلده في شهر رمضان المبارك وذلك بفضل سياسة احترام الأديان التي تميز سويسرا لا سيما أن معظم الفنادق السويسرية قامت في السنوات الأخيرة بتخصيص غرفة للصلاة لضيوفها المسلمين وبدأت بتقديم الإفطار الرمضاني الذي يبدأ بعد غروب الشمس ووجبات السحور التي تقدم قبل طلوع الشمس.

وأعرب المحمد في كلمة بهذه المناسبة عن جزيل شكره إلى كل من تعلم منهم اثناء دراسته في جامعة جنيف «أو اكتسبت عن طريقهم فائدة تثري بصيرتي».

ووجه في هذا السياق الشكر «على وجه الخصوص إلى أساتذتي والهيئة التدريسية بالجامعة على وجه العموم وإلى الهيئة الإدارية من أكاديميين وموظفين وعاملين».

كما شكر مجلس جامعة جنيف وعلى رأسه رئيس الجامعة ايف فلوكيجير على هذا التكريم بميدالية (سكولا جنفانسيس) الذي «اعتبره فخراً أعتز به طوال حياتي».

في الوقت ذاته تقدم سموه بالشكر للقائمين على مؤسسة (هاردت) التي استقبلت هذا الاحتفال في مبناها العريق وبين أرفف مكتبتها ما أضفي على الاحتفال طابعا أكاديمياً وعلمياً.

وأوضح المحمد «ان هذا العام يواكب الاحتفال بمرور خمسين عاماً على العلاقات الكويتية السويسرية وهو احتفال يأخذني في أعماق ذاكرتي إلى نصف قرن من الزمان أستعيد فيها السنوات التي قضيتها كأول ديبلوماسي كويتي تم تعيينه قنصلاً عاماً للاتحاد السويسري ومقره في جنيف العام 1966».

وأشار إلى انه كان أيضاً في الوقت ذاته مندوباً دائماً للمكتب الأوروبي للأمم المتحدة مستذكراً أيضاً «الأيام المفعمة بالحيوية في أروقة ومكاتب وقاعات الأمم المتحدة».

واستذكر سموه «اليوم الذي قدمت فيه أوراق اعتمادي في المدينة القديمة بجنيف وما زالت ذاكرتي تحتفظ بطابعها القديم بشوارعها وأزقتها وحدائقها وأسواقها وبحيرتها الشهيرة كما أنني ما زلت أحتفظ بصداقاتي وعلاقاتي داخل المجتمع السويسري».

واوضح أن «جنيف لم تكن بعيدة عن مشاعره قبل تعيينه قنصلاً عاماً حيث وطئت قدمه سويسرا للمرة الأولى في أبريل 1959 وقضى سنوات تعليمه الجامعي فيها وتبلورت ثقافته السويسرية فيها وتخرجت من جامعة جنيف العريقة التي تأسست العام 1559 واقتبس كثيراً من علومها وثقافتها وجمالها وذوقها الرفيع ومفاهيم الحرية والديموقراطية».

وأضاف سموه «لعل سنواتي التي قضيتها في جامعة جنيف العريقة كانت الأكثر تأسيساً لتفكيري ونمطي في الحياة فقد اكتسبت من عراقتها الأصالة ومن تنوعها الفكري والثقافي الحداثة ومن صرامة مناهجها الجدية ومن علو مراتب أساتذتها الجودة ومن فصولها ومكتبتها وأبحاثها ودراساتها ثراء المعرفة ومن هيئتها الإدارية النظام والدقة».

وأضاف المحمد ان السياسة الخارجية السويسرية تسعى إلى تجنب النزاعات والصراعات الاقليمية قدر المستطاع والتحرك المستمر من أجل السلام والأمن الدوليين ورفض الممارسات التي تهدد السلام العالمي أو تكرس الظلم والعدوان.

من جهته ألقى وزير الدولة للشؤون الخارجية ايف روسييه كلمة رحب فيها بسمو الشيخ ناصر المحمد وأشاد بالعلاقات السويسرية الكويتية الممتدة على مدى خمسين عاما والتي افتتحها في الستينيات ممثل الكويت آنذاك سمو الشيخ ناصر المحمد.

كما ألقى الرئيس الأعلى لجامعة جنيف العريقة والتي تأسست العام 1559 كلمة قال فيها «إن جامعة جنيف تفتخر بالطلبة الذين نهلوا من علمها وعلى رأسهم سمو الشيخ ناصر المحمد الذي كان طالباً مثاليا وخير سفير لبلده قبل أن ينخرط في السلك الديبلوماسي ويؤسس أول بعثة ديبلوماسية كويتية في سويسرا».

وألقى عمدة جنيف غيوم بارازون كلمة أشاد فيها بالعلاقات الكويتية السويسرية كما أشاد بـ«المواطن الفخري السويسري» سمو الشيخ ناصر المحمد الذي كان راعياً للعلاقات السويسرية الكويتية طوال خمسين عاماً.

بعد حفل التكريم أقام وزير الدولة للشؤون الخارجية السويسرية مع مندوب سويسرا الدائم لدى الأمم المتحدة مأدبة عشاء على شرف المحمد.