استيراد قضايا الخارج: مبادرة التعايش الاجتماعي نموذجاً

مطلق بن سعود المطيري

قبل قرن من الزمن تقريباً صنع جيل الرواد الوطني قيم التعايش المجتمعي وقضوا على جميع أشكال التشتت والتناحر، وقدموا نموذجاً وحدوياً فريداً لا تجده في كل دول المنطقة، وظل متماسكاً وعصياً على دعوات التفريق بسبب ميثاقه الوطني الذي صاغه الملك المؤسس: الانتماء للدين والأرض والشعب، ماذا حدث بعد هذا التاريخ: زيادة في التلاحم والتماسك، أفشل الشعب الدعوات القومية اليسارية وقضى على دعاة الإرهاب والتخريب بسلاح التماسك والتلاحم، ومع نيران الربيع العربي قدم الشعب السعودي أرقى أشكال التلاحم الوطني ومازال مستمراً بحماية وطنه ومجتمعه..

مؤتمر أو ندوة التعايش الوطني وأثره في تعزيز التعايش المجتمعي التي دعا إليها مركز الملك عبدالعزيز للحوار، تعد من المبادرات القائمة على استيراد قضايا الخارج إلى الداخل، فالشعب السعودي لا يوجد به تصفيات على الهوية الضيقة، ولا سيطرة قبيلة على إقليم وأخرى تقاومها في ذلك، ولم تسجل على هذا المجتمع على امتداد التاريخ الوطني أي قضية تضرب التعايش الاجتماعي، قضية الإرهاب كل المجتمع يرفضها ويقاومها وإن كانت مرضاً اجتماعياً فهو مرض يعزز الوقاية الاجتماعية التي جاءت من الرضا الاجتماعي وضرورة وجود وطن وقيم انتماء يعالجون بها مرض الإرهاب.. المجتمع السعودي يوجد به من القضايا الكثير التي تستحق الحوار والتدارس ولكن ليس من بينها قضية التعايش المجتمعي، فمن يرى أن وجود المجتمع في وطن واحد يشكل خطراً على الوطن والشعب عليه ان ينظر لجاره اليوم من وزميله في العمل، وصلة القرابة التي تربط ابن الشمال بابن الجنوب وماذا يجمعهم مع أبناء الشرق والغرب..

الدعوة للتلاحم الوطني قضية قد تصدق مع المجتمع العراقي أو السوري أو اللبناني، ولكن مع المجتمع السعودي فهذا سوء فهم لقضايا الوطنية والمجتمع، الشعب السعودي شعب وحدوي ثقافةً وديناً وقيماً اجتماعيةً، تم اختبار انتمائه في أكثر من أزمة، تعامل مع الإرهاب بتلاحم، ومع إشكاليات التحديث برؤية وحدوية تجعل رفضه وقبوله ينبثق من عين واحدة، فاستيراد قضايا ومشاكل الخارج للمملكة هي الإشكالية التي يجب أن تبحث والتعرف على أسباب جلب قضايا الخارج لمجتمعنا، هل هو ترف قضايا وحوار أو قصور في الرؤية وعدم المقدرة على التعرف على الشعب السعودي قبل التعرف على قضاياه، كنت في هذه الجريدة قبل عام دعيت لضم مركز الحوار بمجلس الشورى لكي يكون هناك زخم شعبي في اجتماعات المجلس في كل جلسه، ويكون الشورى ممثلاً للحوار الشعبي والمشرف عليه، واليوم أكرر الدعوة ومعي على ذلك سبب موجود في العنوان.