"حزب الله" يحدّد الأحجام والأوزان والتوجه لحلفائه ومَن يتحالف معهم

ايلي الحاج

تبعث على الملل أخبار الاتصالات لتأليف حكومة العهد الأولى والتي تبرأ منها العهد سلفاً بإعلان أنها لن تكون حكومته. قد تُعلن هذا الأسبوع وربما الذي بعده وقد لا تُعلن أبداً. ومع الملل يكاد يطغى شعور أن كرسي الرئاسة لم يُملأ منذ نحو شهر وأسبوع فحسب بل منذ سنوات، ولم يتغيّر سوى أن اللبنانيين أصبح عندهم رئيس لجمهوريتهم لكن الأزمة مستمرة. ما هكذا تبدأ العهود عادة .

مشكلتان اعترضتا ولا تزالان عملية إخراج حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الضوء، والسعي يتركز على حلهما. الاولى لم تكن متوقعة بفعل مرور 11 سنة على تحالف بدا متيناً قائماً على الثقة بين "حزب الله" والرئيس ميشال عون وفريقه. فبعد انتقال عون رئيساً من الرابية إلى معراب سرعان ما شاعت تدريجاً أجواء مغايرة تتخذ طابع الأسئلة عن اتفاقات وتفاهمات جانبية خيّطها الوزير الدائم والاوّل عملياً في العهد الجديد جبران باسيل مع الرئيس الحريري، تتعلّق بموقع لبنان في الصراع الكبير على قيادة العالم العربي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، وتفوق على ما نُقل عن رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، ما كان أبدى استعداده لتقديمه إلى الحريري.
زاد على هذه الصورة بالنسبة إلى "حزب الله" سير الوزير باسيل ومن حوله في "التيار الوطني الحر" في سياسة "تشدد مسيحي" داخليا. سياسة يتفهمها الحزب على أبواب انتخابات ًنيابية يتطلع "التيار" الحليف من خلالها إلى حصد ما بين 50 - 52 نائباً في البرلمان، مع حليفه حزب "القوات اللبنانية" الذي يأمل في تكبير كتلته من 8 نواب إلى 15 من خلال "ثنائي الحكم" وشركته في صنع قرار الجمهورية للمرة الأولى منذ الثمانينيات.


إلا أن الحزب لا يتوقف عند "القوات" التي يتخذ منها موقفاً عقيدياً، هو نفسه الموقف من حزب الكتائب، ولا يضيره أن يستخدم حليفه الرئيس وتياره علاقته المتجددة والإيجابية بـ"القوات" من أجل الفوز بأقصى ما يمكن من مقاعد نيابية، ولكن شرط البقاء في خانة التحالف مع الحزب الذي أوصله إلى قصر الرئاسة. "حزب الله" وليس "القوات".


أي محاولة وسط هذا الواقع الجديد لتصوير مسيحيي لبنان فيلاً كبيراً ومستقلاً في صراع الفيلة الكبيرة في المنطقة، على غرار ما يريد "البعض" في التحالف المسيحي الثنائي المسيحي، تعني إبقاء العهد الجديد من دون حكومة ينطلق بها في ورشة عمله. ولينتظر الرئيس عون ولينتظر الرئيس الحريري، ولينتظر لبنان.


والمشكلة الأخرى التي تعوّق تأليف الحكومة هي الصراع الماروني التقليدي على الزعامة، مع تجاهل دور "حزب الله" الضابط والَحكَم في هذه اللعبة أيضاً. والحال أن رئيس "القوات" سمير جعجع الذي رسخ معادلة "الأقوى في طائفته يمثلها في موقعها الأعلى في الدولة" قد يكون في مواجهة مفهوم مختلف للقوة . فالوزير باسيل قوي برئاسته التيار الأكثر شعبية وتمثيلاً عند المسيحيين، والنائب فرنجية الأقوى بتحالفه مع الحزب والمحور الأقوى في لبنان والمنطقة. طبيعي في هذه الحال أن يكون تفاهم "التيار" و"القوات" على حساب "المردة". لكنَّ لـ"حزب الله" رأياً آخر والكلمة الأخيرة. وهو من يحدّد الأحجام والأوزان لحلفائه ولمن يتحالف معهم.