مطلق بن سعود المطيري

عند مشاهدة العرض الفريد الذي قامت به قبائل الإمارات أمام خادم الحرمين الشريفين أثناء زيارته -حفظه الله- لهذا البلد المميون.. عبرت الإمارات بأصالة عن تقديرها لخادم الحرمين الشريفين، فجاءت قبائلها جميعها مرحبة بالضيف الكبير، وكأن التاريخ مازال يروى في بيت الشعر وفوق سروج الخيل، ليكون الماضي أصلا وانتماء وليس صفحات من التاريخ وطويت، المشاعر الأصيلة لا يعبر عنها إلا بصورة انتمائها الحقيقي، أما من غير ذلك فيرتبك المشهد ويضعف التقدير للذات والهوية.

الإمارات تعرف كيف تعزف أنغام الشموخ بألحان الأصالة، بلاد سبقت التقدم بتقدم وتفوقت على الحضارة بحضارة، عسفت التحديات التنموية مثل ما تعسف أمهارها واركابها، فطلت على العالم بجواد وفارس، وفتحت كل بلاد الدنيا لها أبوابها، وفي هذه اللحظة أخذ العالم منها سيرة زايد بدون أن يأخذ جواده، ومن 45 عاما، والتاريخ يضيف كل يوم مجدا جديدا لسيرة عمود الإمارات وشيخها خالد السيرة، انفراد زايد بقصة البناء، لم يكن صدفة؛ بل حلم صنع الصدفة التي استحالت أن تعطي موعدا لغيره، لذلك كانت الصدفة شيئا منضبطا في وقت، وانضباطها معجزة، فالصدفة ليست اختيارية، ولكن حكاية الإعجاز التي سجلها زايد لم تجعل للخيار أفضلية، لذلك أصبح الخيار صدفة تاريخية لم تعرف لها صانعا سوى زايد.

قبيلة زايد أو دولة زايد، بناء قد تجد له من المشابهات في الأسامي الكثير، هنا قبيلة وهناك قبيلة، ويعرف العالم أسماء قرى ومدن كثيرة، ولكن ليس في هذه القبيلة أو المدينة زايد، فإنسان يستثمر بالمجد ويجني الذي بعده فخرا وكرامة، وتتحول معه القبائل والقرى إلى شواهد حضارية تصغر أمامها جميع المنجزات، فذاك إعجاز إنسان وهبة الرحمن، أبناء الإمارات الكل منهم يرى أنه يحمل أمانة تاريخ زايد ووصية خص بها كل مواطن: حماية الإمارات تبدأ من الحفاظ على أصالتها، فأبدع أبناؤها في كل مجال بدون أن يعبثوا في تراثهم أو يلغوه من قاموس حياتهم اليومية، فالأصل في الإمارات رأس مال وطني لا يقبل المتاجرة أو استبداله بمشهد حضاري جديد، في بعض الدول العربية استبدلوا أصالتهم بماركسية واتحادات مصنوعة من مخلفات الحداثة الغربية، فخسروا الأصل والإنجاز، فيحق لقبائل الإمارات أن تفخر بأصالتها وبتراث شيخها الخالد، فأين ما يكون الأصل يأتي صاغرا الإنجاز، هذه حكمة زايد وهذا تاريخه.