مشاري الزايدي

في قمة الخليج الأخيرة بالبحرين، كان الخبر الأبرز، في نظري، هو تدشين، أو نقول تجديد، الشراكة البريطانية مع المنظومة الخليجية.

حضرت رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة، تيريزا ماي، اجتماع قادة الدول الخليجية، وأدلت بكلمة داّلة، ثرية، تناولت فيها الماضي والحاضر والمستقبل.

الزعيمة السياسية المحافظة، كانت وزيرة للداخلية عدة سنوات، وتعرف طبيعة المخاطر الأمنية التي تشكلها عصابات الفوضى، وتعرف جيًدا الدول التي تغّذي الفوضى وتستثمر في الإرهاب.

كانت واضحة وهي تتحدث عن أن المملكة المتحدة تعرف من هم أصدقاؤها ومن هم غير ذلك، وعادت بالذاكرة إلى الوراء عدة قرون، تخبرنا عن العلاقات البريطانية التاريخية مع هذا البحر العربي ودول الجزيرة العربية، كانت ذكية في اختيار المناسب من هذه الذكريات، فركزت على الشراكة الاقتصادية القديمة من خلال شركة الهند الشرقية التاريخية 1660.

ثم في حوار لها مع الأستاذ تركي الدخيل بقناة «العربية» أكدت رئيسة الوزراء البريطانية أن دول الخليج حليفة لنا، أما إيران، فلا. وزادت «حفظ أمن الخليج وازدهاره هو حفظ لأمن بريطانيا وازدهارها».

تحدثت عن عودة الحضور البريطاني، من خلال تدشين قاعدة عسكرية في البحرين، وتأكيد التحالف النوعي مع دول الخليج، ومهاجمة السياسات الإيرانية الشريرة.

من هو المساهم الحقيقي في الحرب على الإرهاب، ومن هو الصانع له، في اللحظة التي يتهم فيها غيره بدعم الإرهاب! نعني مثلاً مقالة وزير خارجية النظام الخميني، ظريف، سيئة الذكر في جريدة «نيويورك تايمز»؟. السيدة ماي كشفت في كلمتها أمام قادة الخليج أن السعودية ساهمت في إنقاذ مئات الأرواح البريطانية، عبر التعاون الأمني بين السعودية وبريطانيا.

يبدو أن عهود التشويش الإيراني، ومعه الخذلان الأوبامي، لم تفلح في تزييف الواقع، والواقع يقول إن المصالح التي تربط بين بريطانيا، ودول الخليج والسعودية، في كل مجال، أكبر من إمكانية تجاهلها.

صحيفة «الديلي تلغراف» نشرت مقالاً ذكرت فيه أن «بريطانيا تعتمد بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية التي تحصل عليها من قبل السعودية لإبقائها آمنة»، مؤكدة أنه «وسط هذه الظروف، علينا العمل مع السعوديين وليس توجيه اللوم لهم».

كل هذا لا يعني حلول بريطانيا محل أميركا، هذا غير متصور، وما مّرت به أميركا، كان «هامًشا» سياسًيا خارج السياق، وحتى أثناء هذا الهامش كان «جوهر» الالتزام الأميركي تجاه الحلف مع الخليج العربي، موجوًدا. يقال دوًما، السياسة لغة المصالح، ونضيف، ولغة التاريخ ومصداقية المسار الدائم أيًضا.

في النهاية، لا يصّح إلا الصحيح