الياس الديري

الناس يطالبون كل يوم وكل ساعة بالتعجيل في تأليف حكومة العهد الأولى، حكومة الأمل وجلاء الغيوم والهموم، لا بالمماطلة والتأجيل والتلطّي خلف الحقائب الدسمة...

فالبلد، بل كل أهله ومريديه ومحبّيه، مشغولو البال، وليسوا في راحة عيش، أو رغد وبحبوحة لم يعرف مثلها زمن العز والانبهار.
الأحاديث عن العراقيل ومصدرها دخلت كل البيوت، وكل العقول. ولن يكون في وسع أيّ مرجع أو متزعّم "تغطية" التعقيدات المعلنة وغير المعلنة، أو العصي التي تسمّر الدواليب في أرضها. والتي تتمادى في تأخير تأليف الحكومة. وإعلان التشكيلة. وتوزيع الهدايا الثمينة. ثم اعلان الانتقال الى ساحة النجمة لنيل الثقة والانصراف الى ورشة العمل على أحرّ من الجمر.

لبنان ليس معطلاً فحسب، بل انه مكتوف اليدين والرجلين. وممنوع من التحرّك صوب الانتاج بعد سنوات من الفراغ واليأس.
أَمَا للوقتِ من قيمةٍ بالنسبة الى المعطّلين، أو منفّذي قرار التعطيل؟ سواءً أكانت الأسباب شخصيَّة مزاجيَّة، ماليَّة، أم اذا كانت في الأمر دوافع أخرى من داخل الحدود أو من خارجها؟

على الكتف حمّال، يقول "الخبراء".

وثلاثة أربع اللبنانيّين المقيمين وضعهم المالي تحت الصفر بدرجات. وأمام الحكومة فرصة حقيقية. يأمل اللبنانيّون أن تُنجز تشكيلتها قبل الأعياد، فتعطيهم صورة القصر الاحتفاليَّة أملاً جديداً بانفراج ينتظرونه منذ ما قبل حكومة تمام سلام.
يعلم القاصي والداني أن في انتظار حكومة الأشهر السبعة مهمات، ومشاريع، وطلعات ونزلات و... قانون انتخاب يحتاج درسه واقراره الى أكثر من سنة.

كانت بداية التعقيدات محصورة بمدماك اعتراضي، مكوَّن من أربع خمس حقائب "وازنة"، كما يحلو لبعضهم أن يسمّي وزارات الضرع الذي لا يجفّ وتلك التي تبيض ذهباً من دون توقّف.

لكن مسألة الحقائب "السياديّة"، وتوزيعها على "منتظريها" لا مستحقِّيها اتخذت اتجاهات مختلفة. وتوسَّعت، حتى قيل إن وراء الأكمة التأليفية حكاية أخرى، وقضيّة مختلفة. وما هي القضية؟

قيل للحال إن هنا دوراً سياسياً، أو الأصح عقدة جديدة، تصل بعمقها وتأثيراتها الى طهران. والمعلوم لدى الجميع أن العاصمة الايرانية اذا ما أخذت على خاطرها، فإن حلفاءها يقفلون الهواتف.

لقد سبق الفضل، وتداول سياسيون مخضرمون أمراً بهذا المعنى. وأعادوا بالأسباب الى الوفد السعودي الذي حمل التهاني بكل ملحقاتها وانفتاحاتها الى الرئيس ميشال عون، مع دعوة أولى لزيارة المملكة العربية السعودية، مع الترحيب والتأهيل.
ثم زيارة وزير خارجية قطر، ودعوته عون للزيارة العاجلة.
ثم وفود من الخليج، ودعوات للزيارة بالجملة.

ثم فورة الحنين الى الوطن الأم التي تفجَّرت في المغتربات القريبة والبعيدة. ثم الكلام على عودة لبنان الذي كان مرقد عنزة يعتزّ به كل اللبنانيين كما العرب... بقيّة التفاصيل في البال.