صلاح الجودر 

بعد يومين من المباحثات المباشرة في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (37) التي أقيمت في البحرين اختتم قادة الدول اجتماعاتهم بعزيمة قوية واصرار كبير على تعزيز مسيرة المجلس وتحصين دولهم من الإخطار المحيطة بالمنطقة، والتأكيد على أن المشتركات بينهم كبيرة إلى درجة التكامل، والتحرك الحثيث لتحقيق رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود-رحمه الله- الذي طالب في قمة الرياض بالتحول والانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، وهي رؤية قائمة على التكامل في كافة الأصعدة السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، ومن يتابع أداء مجلس التعاون خلال السنوات الماضية يرى بأنها بلغت مرحلة التكامل، فاجتماعات القادة سنويا بالإضافة إلى الطارئة، والتكامل الدفاع يرى في التنسيق المباشر بين وزراء الدفاع الخليجي، وعلى المستوى الشرطي والأمني هناك تكامل وربما تمارين(أمن الخليج العربي1) هي احدى صوره!.
لقد جاء البيان الختامي للقمة في (إعلان الصخير) ليؤكد على أن قادة دول مجلس التعاون يسعون إلى المزيد من التكامل والتعاون المشترك لتطوير المنظومة الدفاعية والمنظومة الأمنية للمجلس، لردع أي اعتداء أو مساس بسيادة دول المجلس، فدول مجلس التعاون أنشأت درع الجزيرة، وتمارين رعد الشمال، وتمارين أمن الخليج العربي1، والإنتربول الخليجي وغيرها، وهي تسير وفق منهجية واضحة للتحول إلى الاتحاد الخليجي، كل ذلك من أجل أمن واستقرار المنطقة، وإرسال رسالة واضحة للعالم بأن دول المجلس قادرة على تأمين مياه الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر.
لقد جاء في البيان الختامي حرص القادة على أن تكون العلاقات بين دول المجلس ودول المنطقة قائمة على مبادئ حسن الجوار والتفاهم والاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فهذه الرسالة واضحة في البيان الختامي بعدم التدخل في شئون الآخرين، وهي رسالة واضحة إلى إيران (راعية الإرهاب الدولي) التي تتدخل وبشكل سافر في شئون الدول، فدول الخليج ترى تلك الاستفزازات التي تمارسها إيران، وتشاهد تأثير الخطابات العدائية على السلم الإقليمي، فالجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية اليوم مدعومة وبشكل مباشر من خلال إقامة المعسكرات والتدريبات في إيران، وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات، وبدورها تشعل المنطقة بصراعات طائفية مقيتة، ومن المؤسف أن يتم ربط كل تلك الجماعات الإرهابية بتنظيم حزب الله اللبناني، فنرى الأمين العام للحزب حسن نصر الله وهو يهدد ويتوعد دول مجلس التعاون.
لقد شاركت ولأول مرة رئيسة وزراء بريطانيا السيدة تيريزا ماي في القمة الخليجية، وألقت كلمتها المتضمنة التعاون التام مع دول مجلس التعاون، وقد تطرقت إلى خطر الإرهاب على المنطقة ودول العالم وأنها تمد يد المساعدة لدول الخليج لمواجهة تلك الأخطار، لذا هي تسعى لتعزيز العلاقة بين بريطانيا ودول مجلس التعاون والقائمة لأكثر من مائتا عام، وقد توفقت مع رؤية مجلس التعاون في محاربة الإرهاب، فقد قالت: (إن المتطرفين الذين يتآمرون لتدبير هجمات في المنطقة لا يستهدفون الخليج فقط بل يستهدفون أوروبا أيضا كما يشاهد على أرض الواقع)، وهذه حقيقة يراها الجميع، فأوروبا اليوم تتعرض لهجمات بشعة من الجماعات الإرهابية كما تتعرض دول مجلس التعاون، ولعل الأحداث التي شهدتها البحرين خلال السنوات الماضية لأكبر دليل على بشاعة ذلك المخطط، لذا أكدت رئيسة وزراء بريطانيا على أن (أمن الخليج هو أمننا).
في القمة الخليجية (37) بالبحرين أكد قادة دول مجلس التعاون إلى أن مجلس التعاون يسعى لبناء سوق اقتصادي واحد، وعملة خليجية واحدة، واتحاد ضريبي واحد، وهي الخطوات الأساسية لقيام الاتحاد الخليجي المنشود، إذ لا يمكن تحقيق ذلك الاتحاد إلا بتدشين بعض الأمور التي يشعر بها المواطن الخليجي في أي بقعة من الخليج العربي، فالاتحاد الأوروبي استطاع أن يقنع الشارع الأوروبي بوجود الاتحاد حينما دشن مثل تلك الأمور، وأبرزها العملة الأوروبية (اليورو)، من هنا يسعى قادة دول مجلس التعاون إلى قيام السوق الاقتصادي لما تملكه دول المجلس من اقتصاد قوي.