زياد الدريس

حلب تحترق وأهلها يُـــبادون تحت ركام مســاكنهـــم، لكن العالم لم يسكت ... وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أن «الإدارة الأميـــركية تدعــــو موسكو إلى وقف القتال إلا أنها هي من جانبها لم تفعل شيئاً لذلك، ولم تتمكن من فصل الإرهابيين الموالين لها عن غيرهم»!

بتصريح كهذا تصبح الأمور أكثر وضوحاً للمراقب، إذ يوجد في حوزة أكبر عضوين في مجلس (الأمن): إرهابيون موالون لواشنطن وإرهابيون موالون لموسكو.

بعد أن مضت سنوات طويلة ونحن نظن أن هاتين الدولتين تكافحان الإرهاب وتجففان منابعه، الآن تبينت المنابع.

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يطلب من روسيا «ضمانات للمسلحين الفارّين من حلب».

إذاً فالقوّتان العظميان منشغلتان بسلامة المسلّحين «الذين يؤدون أدواراً»، لا بسلامة العزّل الخالين من أي دور في هذه المعارك الطاحنة، سوى دور القتيل.

أما الأمم المتحدة فما زالت تعبّر عن قلقها ...

ومن جرائم الحرب، التعبير عن القلق منها!

*****

حين تصل المأساة ضد البشر، حدّها الهمجي كما في حلب الآن، يصبح من العبث الحديث عن حلول انحيازية إلا لتلك التي تنحاز لكرامة الإنسان وحقه في أن يعرف، على الأقل لماذا قُتِل، قبل أن يموت!؟

*****

لا شيء أكثر دناءةً في هذا الكون من أن يقوم الجلاد بدور الضحية، وأن يقوم زعيم الحرب بدور رسول السلام، وأن يقوم تاجر السلاح بتوزيع الحلوى على الأطفال الجرحى، وأن يقوم المعبّر عن رضاه خلف الجدران بالتعبير عن قلقه أمام الميكروفونات.

ثم يأتي عربي «متجرد فوق العادة» ليقول، بعد رؤيته للدماء المتناثرة، بأن العرب شعب همجي، وأن لا علاقة للغرب أو الشرق بالهمجية.

الأبرياء في حلب والموصل هم ضحية أنواع عديدة من الهمجية، ذات دوافع مختلفة. الفارق بينها، أن بعضها سافر لا يريد أو لا يجيد تغطية جرائمه، والآخر لديه أغطية متعددة ومتنوعة يراوح في استخدامها وفق الاحتياج.

الهمجية سلوك لا جنسية له.

*****

الألم يحرّض على الكتابة، نعم، لكنه حين يشتد فإنه يصــبح عائقاً عن الكتابة.