كارولين عاكوم

رغم ارتفاع منسوب التفاؤل بقرب موعد تأليف الحكومة، أتت الوقائع عكس كل التوقعات التي كانت قد وصلت إلى حد انتظار معظم الأطراف إصدار مراسيم التشكيل الرسمية عنها مساء أمس. وفيما أشارت المعلومات إلى أن التعثّر سببه تمسّك ما يسمى «حزب الله» بحكومة من 30 وزيرا، لتوسيع دائرة تمثيل حلفائه، اكتفى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالقول بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بعد ظهر أمس: «لا تزال الأمور بحاجة إلى مزيد من المشاورات». 


وكانت تصريحات يوم أمس، قد عكست هذا التفاؤل من قبل أكثر من طرف سياسي، وأهمّها ما أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكّد أنه لم يعد مبرر لتأخير تشكيل وإصدار مراسيم الحكومة بعد أن جرى تجاوز العقد في توزيع الحقائب، وقال في لقاء الأربعاء النيابي (أمس): «لقد وفينا بوعدنا، وقدمنا كل التسهيلات والمؤازرة لتأليف الحكومة»، متوقعًا ألا يأخذ البيان الحكومي وقتًا طويلاً، لكن أتت نتائج لقاء عون - الحريري، الذي عقد بعد ساعات قليلة على كلام بري لتظهر أجواء مغايرة لهذا التفاؤل.

هذه التغيرات المفاجئة، أشار إليها مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية»، شارل جبور، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمور كانت إيجابية وذاهبة باتجاه الإعلان عن حكومة من 24 وزيرا، بعد موافقة الرئيسين عليها، لكن يبدو أن أمرا ما حال دون ذلك»، بينما أكّدت مصادر مطلّعة على المباحثات الحكومية لـ«الشرق الأوسط»، أن تمسّك بعض الأفرقاء بحكومة من 30 وزيرا يتطلب إعادة توزيع الحقائب على الأحزاب والأسماء، وبالتالي مزيدا من الوقت». هذا الأمر لمح إليه أيضا رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النائب وليد جنبلاط، قائلا: «كفانا لفا ودورانا حول العدد، وفق حسابات المنطاد، ففي دائرة الثلاثين تستكمل الحلقة، حلقة الممانعة والممانعة المضادة». وأضاف: «أفضل طريقة لاصطياد الوزارة العودة إلى الصيغة القديمة مع حصة وازنة للمردة والقوات، لكن مع التذكير بأن (اللقاء الديمقراطي) ليس حبة سردين ولا حوتًا مثل البعض».

كذلك، انتقد جبور دفع «الثنائي الشيعي»؛ ما يسمى «حزب الله»، وبري، إلى تشكيل حكومة من 30 وزيرا، قائلا: «إضافة 6 (وزراء دولة) إلى الحكومة لا يرتبط طبعا بزيادة الإنتاجية، بل يهدف إلى إرضاء أحزاب فريق 8 آذار، وإيجاد توازن لهم في الحكومة وبالتالي الحصول على الثلث المعطّل». وأضاف: «منذ لحظة تكليف رئيس الحكومة وهناك محاولات للعرقلة وتعقيد الأمور عن سابق تصوّر وتصميم، وربّما هذا هو الجهاد الأكبر الذي سبق لبري أن أعلن عنه قبل الانتخابات الرئاسية».

في المقابل، أفادت أوساط تيار المستقبل لوكالة الأنباء المركزية، بأن مراسيم التشكيل لم تجهز في ضوء لغط حول بعض الأسماء المطروحة للتوزير، بينما تحدثت مصادر مطلعة للوكالة نفسها عن أن النقاش ما زال عالقا عند حقيبة الدفاع في ضوء عدم موافقة الرئيس المكلف على الاسم الذي يطرحه رئيس الجمهورية، يعقوب الصراّف، المحسوب على عهد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، نظرا لحساسية هذه الحقيبة في المرحلة الراهنة، حيث تقدم الدول الكبرى مساعدات عسكرية للبنان، إضافة إلى مطالبة الثنائي الشيعي بتوسيع الحكومة من 24 إلى 30 وزيرا، بما يتيح إشراك جميع المكونات بما فيها حزب الكتائب الذي سيمثله رئيسه النائب سامي الجميل و«القومي السوري» و«الديمقراطي اللبناني»، علما بأن بعض هذه الأحزاب يرفض تولّي وزارة دولة، الأمر الذي يفتح الباب أمام جولة جديدة من المناقشات الحكومية. وحول طرح عون الصراف لتولي حقيبة الدفاع، أوضح جبور: «هذا الأمر لا يعدو كونه تسريبا إعلاميا، ونحن كما (المستقبل) نتحفظ عليه، ولا أعتقد أن الرئيس عون في وارد طرحه، وهو كذلك ليس من مصلحته في هذه المرحلة السياسية».

وسجّل يوم أمس لقاء بين «الحليفين اللدودين»: التيار الوطني الحر، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بعد خلافات بين الطرفين نتيجة الانتخابات الرئاسية، وذلك ضمن جولة يقوم به نواب «الوطني الحر»، في محاولة للتفاهم على صيغة جديدة لقانون الانتخاب. وقد ضم اللقاء الذي جاء بعد يومين على رسائل فرنجية السياسية إلى حليفه السابق، النواب آلان عون، وليد الخوري، وزياد أسود، إلى جانب فرنجية ونجله طوني والوزير السابق يوسف سعادة. وبعد اللقاء أكد آلان عون أن التيار الوطني الحر و«المردة» يلتقيان على قانون الانتخابات بـ«الصيغة النسبية»، إضافة إلى قواسم مشتركة كثيرة. وشدد على أن «صفحة رئاسة الجمهورية طويت»، وأنه لا نيّة لدى التيار الوطني الحر في إلغاء أحد.