عبدالمجيد الزهراني

إحصائيات كثيرة قدمتها الكثير من المؤسسات الحقوقية والإنسانية في العالم كله عن الحدث الكبير الذي تشكل في صورة إبادة حربية قامت بها قوات النظام الفاشي في سورية، مدعومة بميليشيات إيران وطائرات روسيا، خلال اليومين السابقين، وبالذات ما حدث في حلب الشرقية، من مجزرة وإبادة جماعية.

الحدث الكبير، علاوة على فجيعته الرقمية والإحصائية المتمثلة في مئات القتلى والمصابين والمهجرين، كان هو الأكثر تداولا في كل مواقع التواصل التفاعلية، في الكثير من الهاشتاقات التفاعلية في تويتر تحديدا، وعلى مدار اليومين، كانت لغة الدم البصرية هي الأكثر حضورا، من خلال كثير من مقاطع الفيديو، وكثير من الروابط التي لا تحيلك إلا إلى مزيد من مشاهد الدم والقتل والتشريد.

لم أؤمن إيمانا تاما بمقولة "لا تجعلوا من الحمقى مشاهير"، حتى قرأت تغريدات في منتهى الركاكة وعدم الفهم، كتبها أحد مذيعي القنوات الرياضية، الذي دخل في مساحات لا تخصه، فتورط في هجمة مضادة شرسة من عشرات الآلاف من المتابعين الذين استفزتهم تغريدات ذلك المذيع الذي لبس ثوبا أوسع منه بكثير، وبدا متحدثا بالنيابة عن الشعب السعودي، موضحا أن حرائق حلب الشرقية لا تعنينا كمجتمع، وأن (ما لنا شُغل)، كما قال، هكذا وبكل صفاقة.

ليس ذاك المذيع الرياضي الوحيد الذي سقط في امتحان المبادئ البسيط هذا، فلقد أسقطت حلب الشرقية دون أن تقصد ذلك، الكثير من الأقنعة عن وجوه إعلامية وشخصيات عامة، كنا ننظر إليها بنذر بسيط من الاحترام لهم كأوادم فقط، بل إن أحد المحسوبين على التيار الليبرالي طلب مزيدا من الحطب لحرق حلب، فهو لا يرى فيها سوى نتاج لما بذرته عصور الصحوة، وبقي الشعب الحُر الثائر لحقوقه ضائعا في صراع تيارات، لا يقدم له بطانية تدفئ أو قطعة خبز يابسة، تُغني من جوع.

الخيبة والعار، لكل مثقفي الفُرجة الذين يبررون لنا هذا الدم، في فذلكات كلامية وشعارات تناست قيمة الإنسان.