فيصل إيتاني

تبدو المعركة في شرق مدينة حلب السورية ستنتهي قريبا، ولكن عشرات الآلاف من السوريين هناك سوف لن يجدوا السلام. سيفتح انتصار نظام بشار الأسد العنف مرة أخرى، مما سيحدث ارتباكا لمعارضتهم وتغيير مجرى حياتهم. قريبا، سيتعرض المدنيون والمقاتلون المعارضون، على حد سواء، إما للعقاب وإما للفرار من المدينة والانضمام لعدة آلاف آخرين نزحوا بسبب تشديد الخناق عليهم من الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس، كجزء من خطتهم لإخراج المعارضين من المدينة، وبالتالي تغيير سورية إلى الأبد.

وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا قال الأسد إن احتلالنا حلب، التي كانت مسرحا للقتال لسنوات، "لا يعني نهاية الحرب في سورية، لكنه خطوة كبيرة نحو تحقيق هذا الهدف". وقد تكون هناك سلسلة من الانتصارات لقواته التي تحارب بمساعدة روسيا وإيران وغيرهما من الميليشيات المتحالفة معهما. وقد تظهر تداعيات هذه الانتصارات ما يخبئه المدنيون والمقاتلون المعارضون في حلب، وأن الاستسلام قد ينقذهم من القنابل والحصار والتجويع، ولكن مصائب أخرى تنتظرهم.

في عام 2014، اعتقلت قوات الأسد مئات الشبان في المعارضة الذين وافقوا على الاستسلام في بلدة حمص القديمة، مركز الانتفاضة التي تعرضت في نهاية المطاف للقصف والتجويع. وقد وعد كثير منهم بالعفو، إلا أنهم رفضوا التجنيد في الجيش نفسه الذي كان قد قتل أسرهم. وفي النهاية سمح لهم بالمغادرة إلى مناطق معارضة أخرى. لقد أصبح تشريد أو احتجاز السكان عملا معتادا في المناطق التي استعادها النظام.

اليوم، أصبحت مدينة حلب في نهاية مراحل سقوطها، ولقد أدرك الثوار أن المقاومة غير مجدية. وبما أن الأسد يعرف أنهم يدركون ذلك، فإن قواته ستجعل المناطق المعارضة غير صالحة للعيش، وستعزل المقاتلين من المدنيين، وإجبار كل منهم على الاستسلام أو مغادرة البلاد.

ويعكس هذا التطهير نمطا لا تزال الإستراتيجية التي تهدف إليه غير واضحة. ربما يعتقد الأسد أنه إذا ظل هؤلاء المعارضون في تلك الأماكن فإنهم سيشكلون تهديدا دائما للمناطق المجاورة التي تقع تحت سيطرته. وربما لا يريد أن ينفق أموالا من الحكومة عليها، أو ربما النظام الذي تقوده أقلية حزبه، يريد فقط دفع السنة غير الموالين بعيدا عن قلب غرب سورية. فأيا كان المنطق، أو هذا النمط فإنه لا تحمد عقباه، حيث إنه يرسم صورة قاتمة لما يتوقعه أهل حلب.

قال لي أناس مقربون من الثوار إن نظام الأسد وإيران يفضلان إرسال المقاتلين إلى إدلب، حيث يمكن محاربتهم دون قيود، في حين يفضل المتمردون الملاذ الآمن الذي تحميه تركيا التي تستطيع أن تردع عنف نظام الأسد.

وأخيرا، ربما حان الوقت لإنشاء ملاذات آمنة في سورية للنازحين من حلب وأماكن أخرى، بما في ذلك أكثر من مليون ما زالوا يعيشون تحت الحصار. وقد يكون ذلك تعويضا قليلا مقابل ما حدث من تدمير لمدنهم وبيوتهم وأسرهم.