خالد الغربي من الرياض

اعتمدت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، سياسة المحافظة على الريال من المضاربات بعد رفع معدل اتفاقيات "إعادة الشراء المعاكس" 25 نقطة أساس، من 50 نقطة أساس إلى 75 نقطة أساس، وإبقائها معدل اتفاقيات إعادة الشراء عند 200 نقطة أساس، بناء على المستجدات التي حصلت في الأسواق المالية المحلية والدولية. هذه المحافظة وصفها ثلاثة اقتصاديين مختصين تحدثوا لـ "الاقتصادية"، بالخطوة الإيجابية والمهمة، رغم أن هذا التوجه سيمكن المصارف من الاستفادة بشكل أكبر، من خلال زيادة الربحية التي بدورها سترفع عوائد الإقراض.

وهنا قال الدكتور عبدالله باعشن؛ رئيس مجلس إدارة شركة استشارات، "إن رفع الفائدة يجب أن ينظر إلى اثنين الأول انعكاسه على المقترض من المصارف والنظرة الأخرى هي علاقة المصارف بأنفسها ثم علاقة ذلك بالبنك المركزي "ساما"، مبين أن رفع "ساما" معدل اتفاقيات "إعادة الشراء المعاكس" سياسة لحماية العملة الريال من المضاربات، حيث عدم مجاراة رفع الفائدة سيتسبب في مضاربة ما يحتم المحافظة على الريال من تلك المضاربات. وأوضح، أن رفع الفائدة يأتي في وضع نمو اقتصادي وتضخم في أي بلد، لكن ما حصل من رفع معدل اتفاقيات "إعادة الشراء المعاكس ربع نقطة المئوية، يحمي الريال من المضاربات في المقام الأول.

ووصف باعشن خطوة "ساما" بالمهمة لإبعاد العملة من المضاربات باعتبار الريال مرتبطا بالدولار منذ عقود، فضلا عن ضعف في الكتلة المالية لدى المصارف، لأن معدل الإقراض أمام الودائع وصل نحو 92 في المائة.

ونفى باعشن أي تأثر في تكلفة الاقتراض في المؤسسات، موضحاً أن هذا الإجراء جاء بهدف عدم سحب الودائع من البنك المركزي.

من جهته، اتفق الدكتور عبدالرحمن السلطان على ما ذهب إليه زميله الدكتور باعشن، بأن قرار "ساما" يهدف بشكل أساسي إلى الحفاظ على الريال من المضاربات، بعد رفع مجلس الاحتياط الاتحادي "البنك المركزي" الأمريكي أمس الأول". إلا أنه أكد تأثيره في قروض الأفراد الشخصية من خلال رفع المصارف التجارية أسعار الفائدة على العملاء، وقال "اتجاه الأفراد إلى القروض الاستهلاكية لتمويل تعاملاتهم في السوق المالية سيقل، نظرا لما تمر به السوق من تراجعات وارتفاع التكلفة، كما أن السوق كثيرا ما تبالغ في ردات الفعل، بسبب ارتفاع التأثير النفسي في القرارات". وأضاف السلطان "بالنسبة إلى الأسهم المحلية، قد يكون أثر أسعار الفائدة قويا، وذلك من خلال ارتفاع الدولار الذي سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، ما يزيد الضغوط على السوق المحلية، كما هو حاصل في الوقت الحالي". وأوضح فضل البوعينين "اقتصادي"، أنه بسبب ارتباط السياسة النقدية السعودية بالسياسة النقدية الفيدرالية، لذا من الطبيعي أن تلحق دول الخليج ومن ضمنها السعودية بقرار البنك الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة على الدولار. وبين البوعينين، أنه من هنا تتقلص القدرة على استخدام بعض أدوات السياسة النقدية للتأثير الإيجابي في الاقتصاد، ففي الوقت الذي بدأت فيه مؤشرات التضخم في الارتفاع النسبي في أمريكا بِما يستدعي تقييد سياسة الإقراض، نجد أن الاقتصاد السعودية أكثر حاجة إلى أسعار فائدة متدنية لدعم النمو ومساعدة القطاع الخاص.

وأضاف "على الرغم من محدودية الزيادة في سعر الفائدة إلا أن تأثيرها قد يتعاظم في حال استمرار سيناريو الزيادة في عام 2017، وهو المتوقع إضافة إلى تأثير شح السيولة التي أعتقد أنها تسببت في رفع السايبر بشكل كبير وبنسبة تفوق نسبة الزيادة في سعر الفائدة الحالي".

ولفت البوعينين إلى أن العلاقة بين سعر الفائدة والسندات في السوق الثانوية علاقة عكسية وبالتالي من المتوقع أن يتسبب رفع سعر الفائدة سلبا في قيمة السندات المقومة بالدولار والريال على حد سواء، مشيرا إلى أن تأثيرها سيكون سلبيا في تسعير أي سندات حكومية مستقبلية، حيث ستضطر الحكومة إلى رفع الفائدة على سنداتها المزمع طرحها بنسبة تفوق نسبة الزيادة على سعر الفائدة ما يعني تحملها زيادة في التكاليف.

أما سوق الإصدار، فأشار إلى أن ارتفاع الفائدة سيفرض على المصدر رفع الفائدة على السندات بالتوافق مع متغيرات الفائدة، وهذا قد يجعل من توقيت طرح السندات السعودية الأخيرة المقومة بالدولار خيارا جيدا في حال تثبيت سعر العائد. ويعتقد البوعينين أن الأفراد المقترضين وفق الفائدة المتغيرة سيكونون أكثر المتضررين اليوم ومستقبلا حال إجراء أي تغيير إضافي للفائدة، مضيفاً "بالتالي ننصح دائما وبخاصة في حال تدني أسعار الفائدة بأن يكون القرض ذا فائدة ثابتة لخفض المخاطر وتحديد الالتزام المالي ابتداء، وفي المقابل ستكون المصارف أكثر المستفيدين لوجود قاعدة عريضة من الودائع الحرة منعدمة التكلفة. وهذا سيزيد في ربحية المصارف، حيث سترتفع عوائد القروض مع انعدام تكلفة الودائع".