مشاري الذايدي  

تحدثنا كثيرًا عن جرائم نظام بشار الأسد، وإيغال الجمهورية الخمينية في الدم السوري والعراقي الحرام، وعبث الدب الروسي، وتفاهة السياسة الأوبامية في ديارنا. تحدثنا أكثر عن شرور «داعش» الإرهابية المجرمة، واغتيالها لمظالم السوريين والعراقيين عبر اختطاف قضيتهم، وتحويلها إلى مطلب الخلافة الخرافي، من خلال نموذج منفّر متوحش قبيح.
لكن ماذا عن أخطاء «المعارضة السورية» تجاه القضية السورية ومظالم أهلهم في سوريا، من جنوبها الحوراني إلى شمالها الحلبي، ومن شرقها الفراتي الجزيري إلى غربها الساحلي؟
يفهم البعض من نقدنا لجرائم الميليشيات الإيرانية في حلب، وجيش بشار، وضباط بوتين، أن ذلك يعني الاتفاق مع «جبهة النصرة»، وما شاكلها من جماعات «قاعدية» أو شبه قاعدية في سوريا، مثل «أحرار الشام»، وهذا وهم فادح.
الجماعات الدينية المتطرفة المسلحة في صفوف المعارضة السورية، هي جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل؟ جماعات تنتمي، فكرًا وسلوكًا وأهدافًا، لنفس ما ينتمي له أيمن الظواهري وأبو مصعب السوري (مصطفى الست مريم) وهو من رموز «الفكر القاعدي» على مستوى العالم.
«القاعدة»، تكفّر السعودية وكل الدول العربية، عبثت بأمن العرب، وقتلت الناس بالمفخخات والاغتيالات، هذه أمور الكل يعرفها، وعانى منها. لذلك فحين قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو الذي طالما رصد جرائم النظام والروس والإيرانيين و«داعش»، إن جماعات متطرفة تابعة للمعارضة، من جبهة «فتح الشام»، قد أحرقت بعض الباصات التي كانت ستنقل مدنيين من القريتين الشيعيتين، الفوعة وكفريّا، في ريف إدلب، فهذه جريمة واضحة.
النظام سقط أخلاقيًا، وهو يقايض تحرير الأهالي بحلب ومضايا والزبداني، بتحرير أهالي الفوعة وكفريّا، وكأنه يتحدث عن شعبين مختلفين!
سيقال إن لجوء المعارضة السورية لهذه الجماعات جاء من باب: الضرورات تبيح المحظورات، وبسبب خذلان أوباما، واكتفاء إردوغان بالخطب الرنانة، وانقسام العرب.
هذا صحيح، لكن لا نغفل أن هناك تغطية على علل داخلية في القوى السورية المعارضة، وصعودًا لتيارات متطرفة ضد تيارات برغماتية داخل إخوان سوريا، على ما رصده بدقة الباحث السوري محمد سيد رصاص، بعنوان: «الحركة الإسلامية في سوريا، ماذا بعد الهزيمتين العسكريتين؟» - جريدة «الحياة».
تفرق المعارضة، توزع الولاءات، العراك الشخصي على المناصب، المراهقة الفكرية، هي من أوهنت عضد المعارضة.
يقال هنا للبعض: تستطيع أن تكون ضد محور إيران، وفي الوقت نفسه ضد «القاعدة» و«داعش».. ليست مستحيلة!
في كل حال، لو كانت رؤية المعارضة السورية واضحة، وعزيمتها متحدة، لما تسللت لها «القاعدة» ونجح تآمر الأعداء عليها.
هل تكون مأساة حلب فرصة للتصحيح؟