عبدالله بن بجاد العتيبي
انعقد يوم الأربعاء الماضي المنتدى الاستراتيجي العربي في مدينة دبي، وهو منتدى يُعنى بالرؤى الاستراتيجية واستشراف المستقبل ومحاولة استخدام أحدث ما توصل له العلم في هذا الاتجاه لبناء رؤيةٍ أكثر وضوحاً وتوفير المعلومات الكافية لصانع القرار والمهتمين.
دول الخليج العربي بحاجة ماسةٍ إلى لتكثيف مثل هذه المنتديات الاستراتيجية والمؤتمرات والندوات وورش العمل سعياً لاستيعابٍ أكثر دقةً لمشكلات المنطقة والعالم والسعي للتنبؤ بالمستقبل وقراءة المؤشرات التي تدفع باتجاه تشكيله مع المساهمة في التأثير عليه انطلاقاً من الواقع وبناءً على المعطيات واستناداً إلى الماضي.
كما تحتاج دول الخليج إلى تكثيف مراكز الدراسات والبحوث التي تؤسس لمثل هذه التجمعات المعنية بالاستراتيجيات الكبرى، وهي مراكز يمكنها المساهمة في توفير المعلومات التفصيلية واستقطاب الكفاءات المتخصصة حول العالم -كلٌّ في تخصصه- لتقديم خدمات أكثر تحريراً ورؤى أكثر شموليةٍ، ويمكنها أيضاً بناء شراكات راسخةٍ مع مراكز دوليةٍ ذات خبرةٍ واسعةٍ وتاريخ مفيد.
في خمس ساعات فقط تم عرض العديد من الكلمات المتخصصة والمقسمة بشكل علمي لتغطية المشهد من جميع جوانبه السياسية والاقتصادية وغيرها في سلاسة وانسياب، وقد شرُف المنتدى بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهده سمو الشيخ حمدان بن محمد، وتحدث فيه «ليونيل بانيتا» و«ديفيد كاميرون» وغيرهما، وتم تقديم العديد من الرؤى والتوقعات للعام المقبل 2017.
فكرة المنتدى مميزة، فهو يحدد مدى الرؤى والتوقعات بسنة مبلمة، ثم يقدم في المنتدى الذي يليه كشفاً بعدد الرؤى والتوقعات التي صدقت وحدثت بالفعل، ويعرض ذلك عند مدخل المنتدى ويمنح الضيوف بطريقة تقنيةٍ حديثة الحصول على جميع أوراق المنتدى السابق والحالي عبر تمرير بطاقة تعريف المنتدى على شاشةٍ إلكترونية لتصله التقارير التي اختارها خلال ثوانٍ على البريد الإلكتروني.
وتوقع «بانيتا» في كلمته مزيداً من عدم الاستقرار وقال: «إن أوباما يعرف ولا يتعاطف، وترامب يتعاطف ولا يعرف». وربما كان توقعه بعدم الاستقرار صحيحاً وحديثه عن أوباما كذلك ولكن ترامب لم تتم تجربته بعد، ولكن موقفه من إيران على سبيل المثال هو أفضل بكثير من موقف سلفه أوباما، وبالتأكيد ستشهد المنطقة إعادة ترتيبٍ للتوازنات الدولية على مستوى العالم وفي المنطقة كذلك.
كما تساءل كاميرون عن نهاية العولمة؟ وأكد دعم العولمة الناجحة ودعم الأقل حظاً، وتحدث عن الهوية والهجرة والتطرف وهي بالفعل أحد أهم الملفات التي سيواجهها العالم لا في 2017 فحسب بل لسنوات طويلة مقبلة. تحرك خصوم دول الخليج في المنطقة لبناء مراكز الدراسات والتواصل مع المهمة منها حول العالم وفي الغرب تحديداً وبناء الشراكات معهم وتزويدهم بمعلومات خاطئة وتحليلاتٍ مغلوطةٍ كان لبعضها تأثير واضح، وأي جهد في استعادة زمام المبادرة في هذا المجال المهم هو جهدٌ مشكورٌ وصحيح في الوقت ذاته. واحدة من المهمات الجليلة لمثل هذا المنتدى هو بناء كوادر وطنية قادرةٍ على خوض غمار مثل هذه العلوم النافعة والمفيدة عبر التعليم والتدريب والصقل والتطوير وهي حاجةٌ ملحةٌ لدول الخليج ولمستقبل دولها وشعوبها، ويمكن ملاحظة تطوراتٍ لافتةٍ في هذا الاتجاه في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في السنوات القليلة الماضية، وهو أمر مشجعٌ ويبعث على التفاؤل، فطريق الألف ميل تبدأ بخطوةٍ.
وأخيراً، فقد أعلن محمد القرقاوي خلال كلمته عن إطلاق «برنامج لتطوير مستشرفي المستقبل العرب» وذلك في المجالين السياسي والاقتصادي، حيث سيعمل المنتدى الاستراتيجي العربي مع مجموعة من الخبراء والمراكز الدولية المعتمدة لتطوير نخبة من الشباب العربي المتخصصين، وذلك ليكونوا نواة لعلم الاستشراف الاقتصادي والسياسي.
التعليقات