الياس الديري

تلقائيّاً، ومن دون بذل أيّ جهد إضافي تمَّت عمليَّة تظهير الهدف الآخر، أو "الهدف الأكبر" لتأليف حكومة الثلاثين.

وما بروز قانون الانتخاب على نطاق واسع، وعلى أعلى المستويات، وقبل أن يبدأ الوزراء بممارسة مسؤولياتهم، إلا للتأكيد ان المهمة الأولى والأهم التي تنتظر الحكومة هي الانتخابات النيابيَّة.


وعلى أساس واضح، يؤدي مضمونه الى صيغة معيَّنة سبق لها أن وُضعت قيد التداول والمناقشة. لن يكون مفاجئاً لأي فريق سياسي، أو لأي مرجع، اذا ما وجدت الحكومة في انتظارها وفي يومها الأوَّل "قانون النسبيَّة" بكل تفاصيله. ومع الاعلان العالي الصوت ان هذا القانون هو القضيَّة التي تتقدَّم كل ما عداها.


قبل اعلان التوصّل الى اتفاق على التشكيلة الحكومية بكل تفاصيلها، وقبل اعلان الولادة، سادَ انطباعٌ في الأوساط الصحافيَّة والسياسيَّة أن حكومة سعد الحريري ستحاصرها قضية الانتخابات النيابية من الجهات الأربع، وسيكون قانون النسبيَّة في الطليعة.


بالطبع، سيبدو هذا الكلام، مع بداية اليوم الأول لممارسة الحكومة نشاطها، كما لو أنه يتجاوز الواقع والوقائع، ويشرد في تقديرات ليست بهذا الحجم، أو بهذه الأولوية. لكنَّ الرئيس نبيه بري سارع الى وضع النقاط على الحروف، قبل أن يصل الرئيس سعد الحريري الى السرايا، وقبل وصول معظم الوزراء الى مكاتبهم لإنهاء عملية التسليم والتسلُّم:
"إذا كان الوصول الى النسبيَّة الشاملة متعذّراً في الوقت الحاضر، فلا بأس بصعود السلَّم نحوها درجة فدرجة". أو كما لو يقول أحدهم إن أَكل العنب حبَّة حبَّة...
وتجنّباً لأَيّ التباس في هذا الخصوص، يشير برّي الى أن ثمة مشروعين "سيُطرحان على المكوِّنات السياسيَّة لكونهما الأكثر واقعية حالياً: الأول هو المشروع المختلط، والثاني هو المشروع المركّب"... مع مراعاة وحدة المعايير في أيّ قانون انتخابي جديد.


هل تكون الصدارة في البيان الوزاري لقانون الانتخاب وعملية الانتخابات التي لا بدَّ أن تتمّ في موعدها، أم أن الوضع في لبنان بعد سنيّ الفراغ والتسيُّب والتفلُّت وانتشار الفساد وفضائحه في كل كبيرة وصغيرة ستكون له الأهمية الكبرى، مثلما سيولى الوضع الاقتصادي والحياتي والمعيشي والانتاج الاهتمام الأكبر؟
هجمة قانون الانتخاب، ونسبيَّته، بهذا الإلحاح وهذه العجلة، وبهذا الأسلوب، تقول لنا إنَّ المسألة فيها ما فيها. ولن يكون مستبعداً أو مستفظعاً، إذا ما وجد الناس الحكومة وقد غرقت منذ خطواتها الأولى في "نهر النسبية".
ليس من الضروري أن تقفز الحكومة فوق واقع الحال في البلد والدولة وبالنسبة الى الوضع الاقتصادي وأوضاع اللبنانيّين بصورة عامة... وهذا أمر من البديهيّات.
إلا أن قانون النسبيَّة لن يدع أحداً يتجاوزه. فخذوا علماً بذلك.