جاسر عبدالعزيز الجاسر

 كالعادة دفع عدد من الصحفيين أرواحهم ثمناً لسعيهم إلى نشر الحقيقة التي يعمل كثير من الأنظمة ومليشيات الإرهاب والطائفيين على تغييبها حتى لو اضطروا إلى قتل الصحفيين ومنعهم من الوصول إلى الحقيقة.

عام 2016 شهد مقتل 74 صحفياً، منهم 53 شخصاً قتلوا في هجمات استهدفتهم شخصياً، أي بلغة الحقوقيين «قتل متعمد مع سبق الإصرار» وهؤلاء الأشخاص الذين لم يكونوا طرفاً في نزاع أو مع جهة تقاتل أخرى لقوا حتفهم في ساحات المعارك في بلدان عربية وإسلامية، خاصة في سوريا واليمن والعراق والصومال، إضافة إلى أفغانستان. ومع أن الدول التي ذكرناها يتجنبها الكثير من الصحفيين إلا بعضاً من الصحفيين الذين يتحدون الصعاب ويذهبون إلى البلدان التي تشهد معارك لا تزال تستهويهم المناطق الساخنة، وهذا العام عام 2016م الذي يتبقى عليه أسبوع لينصرم، كانت سورية وبعدها اليمن أكثر البلدان التي قتل فيها الصحفيون، وكلا البلدين سقط الصحفيون فيه برصاص العصابات من مليشيات الإرهاب الطائفية التي تعمل على إخفاء ما تقوم به من عمليات إجرامية، وبما أن الصحفيين يسعون ويعملون على الوصول إلى الحقيقة وإيصالها إلى القراء والمشاهدين عبر التقارير الصحفية التي يرسلونها إلى وكالات الأنباء أو محطات التلفاز، لهذا كانوا هدفاً لرصاص الإرهابيين وبالذات مليشيا الإرهاب العاملة في سوريا التي تحظى بدعم من قبل نظام بشار الأسد والأنظمة التي أرسلتها سواء ملالي إيران أو سلطة الأمر الواقع حزب حسن نصر الله في لبنان أو حكام بغداد، إضافة إلى قوات الوصاية الروسية في سوريا.

وفي اليمن الذي قتل فيه بعض الصحفيين في استهداف مباشر من قبل الانقلابيين من جماعة الحوثي وفلول الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومع أن العدد الحقيقي لم يوثق ويعلن بصورة صحيحة عمن قتل من الصحفيين اليمنيين أو العاملين في اليمن، إلا أن الكثير من الصحفيين والإعلاميين اليمنيين مغيبون في السجون وبعضهم مختطف ومغيب قسراً، وأفضلهم من فرض عليه البقاء في منزله وتهجيره إلى قريته ومنعه من العمل محارباً في مهنته التي يقتاد منها ويعول أسرته مما يحصل عليه من أجر.

منظمة «مراسلون بلا حدود» تذكر أن 19 صحفياً قتلوا في سوريا رغم أن الرقم الحقيقي يتجاوز هذه الحصيلة، إلا أن هذا الرقم لا يشكل أي مقاربة مع ما حصل في اليمن التي نجح الحوثيون بالذات في تغييبها ومنع خروج أي معلومات من داخل اليمن، بعد إقصاء الصحفيين الوطنيين المحايدين إما بالقتل أو بالإقصاء والاختطاف والتغييب، وهؤلاء الصحفيون اليمنيون المعتقلون أو المغيبون لا يحسبون ضمن الـ348 صحفياً يخضعون للاعتقال الآن على مستوى العالم.

هكذا هي اليمن في عهد الحوثيين وجماعة المخلوع علي عبدالله صالح، مغيب ولا أحد يعرف ما فعله الانقلابيون الذين يستنسخون جرائم ملالي إيران الذين قضوا على الصحافة الحرة، ولولا جهود المقاومة الوطنية الإيرانية لما عرف أحد ما يجري في إيران التي وإن غابت الأرقام عن قتلى الصحفيين فيها إلا أن هجرة وهروب الصحفيين الإيرانيين من بلادهم تظهر الواقع الأليم الذي تعيشه حرية الكلمة في إيران مثلما هو الآن في اليمن التي يمثل صحفيوها الأكثر هرباً وهجرة بعد مطاردتهم من الانقلابيين.