شخصيات صنعت الحدث وأخرى تراجعت إلى الخلف: بوتين وترامب وأردوغان شغلوا الدنيا بمواقفهم وآخرون برزوا بتصريحاتهم المثيرة للجدل

سليمان حاج إبراهيم

سجل عام 2016 بروز نجم عدد من الشخصيات الدولية التي صنعت الحدث واعتلت الواجهة بما حققته من إنجازات أو ما أثارته من عواصف وقرارات أو ما صاحبها من إثارة صنعتها بسياساتها أو تصريحاتها أو حتى سلوكها.
وتباينت المواقف حول هذه الأسماء تبعا لموقفها أو ما دار حولها من جدل وتراوح ذلك بين مؤيدين ومناوئين وبينهما تراوحت النظرة للشخصية والموقف منها تبعا لسياساتها حول عدد من القضايا.
وكانت الأحداث في المنطقة وتحديدا في سوريا واليمن المحك الأول الذي جعل المواقف تتباين بين هذه الشخصيات، فبينما يعتبر البعض أحدها بطلا قوميا تفوق في محيطه، يراها آخرون على النقيض من ذلك.

بوتين وحلم استعادة
أمجاد الإمبراطورية الروسية

أثار العميل السابق في جهاز الأمن الروسي عواصف لم تهدأ منذ ظهر إلى العلن ولا يزال حتى الآن أحد أكثر الشخصيات الدولية ظهورا في النشرات الرئيسية للأخبار في القنوات الدولية. فمنذ دعم بوتين الحرب في أوكرانيا بدأت ملامح شخصيته تبرز حينما وضع نفسه وبلاده في مسار تصادمي مع الغرب، وما تلى ذلك من عقوبات دولية تزداد. لكن ورغم ذلك فإن بوتين يعتبر بطلا للكثيرين لإعادته الفخر الوطني بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
ومع نهاية فترة حكمه الحالية في 2018 سيكون بوتين قد حكم لثمانية عشر عاما وقد يستمر في الهيمنة على روسيا لسنوات مقبلة. 
وفي آخر تصنيف لـ «فوربيس» تفوق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وحصل على لقب أكثر الشخصيات المؤثرة لعام 2016.

التدخل الروسي في سوريا

كان لقرار بوتين الذي تلاحقه كاميرات التلفزيون مبرزة هواياته المتعددة، في التدخل العسكري في سوريا تبعات عدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
أعاد من خلال الحرب التي خاضها في الشرق أمجاد بلاده، في تحد لافت للإرادة الأمريكية التي تراجعت أمام اندفاعه ولم تجاريه في هذا المسار ومضى بعيدا بأن فرض موسكو اللاعب الأساسي والرئيسي والوحيد تقريبا في صنع القرار واتخاذه وتحديد المسارات والبدائل. وفيما اعتبر بعضهم أن تدخله الأخير في حلب وما تلاه من نتائج ساهم في تعزيز خياراته وبدائله بما حققه من نصر سياسي وعسكري مع حلفائه، فإن الأمر كان محل سخط ونقمة كثيرين واتهموه بارتكاب قواته مجازر في حق المدنيين وتشريد مئات الآلاف وسقوط ضحايا كثر نتيجة القصف العشوائي للأحياء وما خلفه من دمار ونتائج.

ترامب ومخالفة التوقعات

لم تكن سوى قلة تسمع باسم رجل الأعمال والثري الأمريكي دونالد ترامب الذي فاجأ فوزه في الانتخابات الأخيرة وقرب حلوله في البيت الأبيض مع ما رافقها من ضجة أثارتها تصريحاته ومواقفه. 
ويعد صعود ترامب هو الأكبر على الإطلاق في تاريخ تصنيف «فوربيس» حيث قفز من المرتبة الثانية والسبعين العام الماضي إلى الثانية هذا العام.
الرئيس المنتخب الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، الذي فاز أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، إلى جانب كونه رجل أعمال ويدير عدة مشاريع وشركات مثل منتجعات ترامب الترفيهية، التي تدير العديد من الكازينوهات، والفنادق، وملاعب الغولف، والمنشآت الأخرى في جميع أنحاء العالم، يعتبر أيضا شخصية تلفزيونية. ساعد نمط حياته ونشر علامته التجارية وطريقته الصريحة في التعامل مع السياسة في الحديث، على جعله من المشاهير في كل من الولايات المتحدة والعالم. صنعت هذه المتناقضات هالة حول الرجل الذي احتل صدارة الأحداث ويتابع العالم مواقفه وتصريحاته بمزيد من الترقب لفهم توجهاته المستقبلية بعد الوصول رسميا إلى سدة الحكم مطلع العام المقبل.

أردوغان والانقلاب

رئيس تركيا الثاني عشر والحالي منذ 2014 إلى جانب كونه أول رئيس اختاره الشعب بطريق الاقتراع المباشر، عاد إلى المشهد مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرض لها الصيف الماضي وما أثار الأمر من تداعيات محلية ودولية.
استغل لاعب كرة قدم شبه محترف وعمدة اسطنبول بين عامي 1969 – 1982 الحادثة ليعزز أركان حكمه ويقوم بعمليات غربلة وتصفية لكافة العناصر المناوئة له ولتياره حزب العدالة والتنمية الحاكم. اتخذ الرجل المحسوب على التيار الديني ويوصف أنه من أنصار تيار الإخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي الواقعة ذريعة ليوجه اتهامات لغريمه وحليفه السابق فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة ويعتبره مهندس محاولات زعزعة الاستقرار في تركيا. وأزاح أردوغان بعد المحاولة عشرات الآلاف من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية واستبدل الكثيرين وأبعدهم عن مناصبهم ومنح صلاحيات واسعة لجهاز الأمن مقابل الجيش الذي يعتبره وكرا للتيار المناوئ له. كما أثار تقارب نظام الحكم في تركيا مع السلطات الروسية تداعيات عدة على الملف السوري الذي خفف من ضغوطه الممارسة على غريمه بشار الأسد وانضم إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة.

الملك السعودي ونجله:
مواجهة إيران والتحديات الاقتصادية

برز الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود كأحد الشخصيات المحورية في منطقة الخليج وتحديدا قبيل القمة التي احتضنتها العاصمة البحرينية المنامة مؤخرا، إلى جانب جولته التي قادته إلى كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والتي أكد خلالها على ضرورة توحيد ورص الصفوف في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة. وغير بعيد عن القصر الملكي برز نجم نجل الملك الأمير محمد الذي شغل وسائل الإعلام برؤية بلاده الممتدة حتى 2030 وشدد فيها على ضرورة تنويع الاقتصاد السعودي. كما ضجت مواقع التواصل خصوصا السعودية بالتدابير التي أعلن عنها والتي تستهدف تقليل النفقات والتقشف بتقليص عدد من الامتيازات الحكومية لفئات عدة.

نجاعة الاقتصاد

الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، الذي لم يكن يسمع باسمه الكثيرون فاز بلقب «شخصية 2016» في استفتاء تنظمه مجلة «تايم» الأمريكية ذائعة الصيت، متقدما على عدد من أبرز الشخصيات العالمية من قادة سياسيين وفنانين ورياضيين ومبدعين. واعتبر مسؤولو المجلة أن ناريندرا مودي فاز بنسبة 18 في المئة من أصوات قراء المجلة ومتابعيها، ما ضمن له الفوز بلقب الشخصية الأكثر تأثيرا في سنة 2016. وجاءت هذه النتيجة عقب النجاحات المعتبرة التي يقودها الرجل في تطوير اقتصاد بلاده وجعله في مصاف الدول المتقدمة حيث تجاوز الاقتصاد البريطاني من حيث الحجم ونسب النمو.

شخصيات تراجعت وأفل نجمها

تراجع نجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي احتلت مراتب متدنية في التصنيفات الدولية بسبب المتاعب التي تواجهها سياساتها خصوصا مع موجات اللاجئين. وتأتي بعدها في التصنيف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي برزت في القائمة «التايم» واحتلت المركز الثالث عشر، في حين جاءت رئيسة صندوق النقد الدولي في المركز الخامس والعشرين.

سمعة سيئة و جدل بلا حدود

صنعت عدة شخصيات دولية الحدث بسبب ما أثير حولها وما تسببت به أو ما قامت به من سياسات نتجت عنها تبعات سيئة محليا ودولية.
وجاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس هذا التصنيف لما لحق ببلاده من دمار وما رافقه من ممارسات وعمليات تسببت في تشريد الملايين عن ديارهم وسقوط آلاف الضحايا من مدنيين في إطار الصراع الدائر.

السيسي وتصريحاته

أثار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موجة سخرية عالية خلال 2016 بسبب تصريحاته المعلنة التي تحولت لنكتة عابرة للقارات.
وأصبح حديثه عن خلو ثلاجته من أي شيء لعقد زمني علامة مسجلة باسمه وتحولت لمصدر سخرية جابت أرجاء المعمورة لفترة طويلة. ولم تخل تصريحات الرئيس المصري من هذه الهفوات والزلات التي استغلها خصومه في سياق الانتقادات الموجهة له ولطريقة حكمه.

شتائم عابرة للقارات

صنع الرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، الحدث بما تلفظ به من شتائم كانت محل متابعة من وسائل الإعلام الدولية، وصلت حد إهانة رؤساء دول مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ومؤخرا أعلن رودريغو إنه قطع عهدا مع الرب بأن يتجنب الألفاظ النابية التي اشتهر بها في خطاباته. وروى عند عودته من اليابان كيف أن «الرب حذره» على متن الطائرة بالقول: «سمعت صوتا يأمرني بالكف عن استخدام الألفاظ النابية، وإلا تحطمت الطائرة في الجو، ووعدته بالكف عن ذلك».
وتوسعت شعبية دوتيرتي في بلاده بفضل اللهجة الجارحة التي يخاطب بها الغرب، فقد وصف الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بأنه «ابن عاهرة»، ووصف الاتحاد الأوروبي بالنفاق، وهدد بالانسحاب من الأمم المتحدة، وتقبل تشبيهه بهتلر، عندما قال إنه مستعد لقتل 3 ملايين من مدمني المخدرات.
وإلى جانب هذه التصريحات النابية صنع الحدث أيضا بالحملة الدامية التي يقودها ضد تجار ومدمني المخدرات، وقتل فيها آلاف الأشخاص على يد الشرطة وفرق من المدنيين تعمل مع الشرطة في مكافحة المخدرات.