خالد أحمد الطراح 

ليس جديداً «فشل الكويت في تحقيق كل أهداف التعليم للجميع التي حددتها في عام 2000 والبيانات المتعلقة بالنهوض بالتعليم لمرحلة الثانوية إلا بعد 60 سنة و25 سنة للتعليم الابتدائي» فنتيجة كهذه التي كشفها تقرير «اليونيسكو» أخيرا، سبقته تقارير للجنة الكويت الوطنية للتنافسية منذ اكثر من 10 سنوات قرعت فيها اجراس الخطر ووفرت دراساتها لأصحاب القرار، وتحديدا وزارة التربية!
تقرير «اليونيسكو» تناول «الفشل والاخفاق» في مراحل التعليم العام، مبينا ان نسبة الخريجين الذين يحملون «شهادات بكالوريوس او ماجستير في الكويت بين الاقل في العالم، الى جانب دول مثل مدغشقر ورواندا وبروناي وجزر القمر والسودان، بينما تتفوق السعودية ومصر وتونس ولبنان على الكويت في هذا النطاق»!
من المعروف ان الكويت تعد من الدول الأكثر انفاقاً على التعليم، لكن المعضلة تكمن في منهج الانفاق والتخطيط، حيث اوضحت تقارير لجنة الكويت الوطنية للتنافسية ان الجزء الاعظم من الميزانيات التي يتم رصدها للتعليم، سواء لوزارة التربية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والجامعة «موجه اساسا نحو الرواتب، سواء المعلمون او الهيئات المساندة التعليمية والادارية، بينما نسب الانفاق على تطوير الكتب والمناهج وطرق التدريس وتطوير المعلم وتطوير التسهيلات التعليمية وتحسين مناخ التعليم والانشطة التربوية، تعتبر محدودة بالنسبة إلى إجمالي الانفاق السنوي على التعليم».
فقد أوضح تقرير اللجنة لسنة 2013-2012 تزايد انفاق الدولة على التعليم من 500 مليون دينار تقريبا في السنة المالية 2001-2000 الى اكثر من 3 اضعاف تقريبا خلال عشر سنوات حتى عام 2011!
وحذر التقرير من تدني مستوى كفاءة التعليم، مشيرا الى تفضيل عدد هائل من اولياء الامور تسجيل ابنائهم في المدارس الخاصة، حيث حدد التقرير تزايد نسبة اعداد المدرسين في 2002-2001 بمعدل %6.4 في المتوسط مقابل انخفاض عدد التلاميذ للمرحلة نفسها بنسبة %1.1!
تقارير لجنة الكويت تضم نخبة اكاديمية متطوعة في العمل من ذوي الاختصاص، ركزت في تقاريرها وتحليلها على بيانات رسمية وليست تقديرية، والنتائج تم التوصل اليها من خلال التحليل الدقيق بهدف معالجة انحراف سياسات التعليم والانفاق الحكومي حتى يستفيد اصحاب القرار من هذه المعلومات، لكن المشكلة، كما هو واضح، ان وزارة التربية لم تستفد، سواء من تقارير اللجنة الكويتية او اليونيسكو التي تساهم الكويت في دعمها ماديا، ولا من دراسات البنك الدولي، حتى الاخيرة منها بخصوص المناهج التعليمية.
ان المعضلة تكمن في غياب قرار تصويب السياسات علاوة على المساءلة السياسية لما تشهده الكويت من تراجع وفشل حتى في ميدان التعليم وهو الاستثمار البشري الأهم بالنسبة إلى كل افراد المجتمع.
نعيش اليوم مرحلة عجز الميزانية بسبب سياسات عشوائية وتردد في الاصلاح، والضحية ليس ثروة البلد فقط، وانما كفاءة التعليم الذي يفترض ان يكون سلاحا للبقاء امام كل التحديات التي نواجهها!
نتمنى على الوزير د.محمد الفارس إنقاذ التعليم بعد «الشقلبات» التي تعرّضت لها الوزارة في السابق.